الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه هندستان. وهي التي فتحها الغوريون من الهند، وقاعدتها دلهي وهي كبيرة، وموضوعها حيث الطول مائة وثمان وعشرون درجة وخمسون دقيقة، والعرض خمس وثلاثون درجة وخمسون دقيقة، ولها ثلاث برك من ماء المطر، إحداها للسلطان، والأخرى للجند، والأخرى للعامة. وصاحب دلهي في عصرنا، هو أحد مماليك الغوريين، وجنده أتراك مسلمون، والرعايا كفار الهنود، لم يقدر التتر على بلاده لما عنده من اسود الرجال وكثرة الفيلة. ويقع في هذا الجزء من قواعد هندستان، التي في كل واحدة ملك، هاسي: وهي في أول الجزء، حيث الطول مائة وست وعشرون درجة وثمان دقائق، والعرض إحدى وثلاثون درجة. وفي شرقيها على مرحلة منها مدينة براور. وهي حيث الطول مائة وتسع وعشرون درجة، والعرض إحدى وثلاثون درجة وخمس وثلاثون دقيقة، وفي شرقيها وشرقي دلهي، جبال القشمير، وهي مسكونة بجنس متولد بين الهند والسند. والأتراك في نهاية من الحسن، ولم يقدر عليهم التتر لمناعتهم بالجبال المحدقة بهم في هذا الإقليم الخامس. ونهر كنك المعظم عند الهنود يمر في بلادهم، وهم أيضاً يعظمونه، ويغرقون فيه أنفسهم لأنهم مشاركون لهم في الضلالة. وفي شرقيهم طمغاج، وهي بلاد الخط. يزعم المسافرون أن السور دائر على مدنها وضياعها وسائر عمائرها، نحو ثلاثة وعشرين يوماً في الطول من الغرب إلى الشرق، وحدها الغربي بلاد القشمير، وحدها الشرقي بلاد التتر. ويأخذ طولها واتساعها في هذا الجزء والجزء الذي يليه من الإقليم الخامس. والمشهور من مدنها مدينة طمغاج، وقد حل محلها في عصرنا هذا، مدينة خان بالق. ويذكرون عن كبر هذه المدينة ما لا يصدقه إلا من شاهده. وصاحبها مسلم يقال له لواجا، واصله من خوارزم، وهو يحمل الأموال للتتر. والرعايا كفار من أجناس الخط، ومعظمهم قد دخل في الإسلام. والحرير في بلادهم كثير. ويقال إن عندهم معادن الفضة الكثيرة. ويلي بلادهم من الجنوب بلاد بلهرا ملك ملوك الهند، وتقع مدينة خان بالق حيث الطول مائة وأربعون درجة والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وعشرون دقيقة. ومدينة طمغاج في الإقليم الخامس.
الجزء التاسع: أول ما يلقاك منه مدينة خرمق من قواعد التتر القديمة، وحي حيث الطول ست وأربعون درجة، والعرض خمس وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة. وفي شرقيها مدينة ينبعا، وهي كانت قاعدة التتر في القديم. وهي على نهر ينزل من الجبل الكبير الممتد على بلاد الهند والصين. وهي حيث الطول مائة واثنتان وخمسون درجة، والعرض ثلاثون درجة وخمس دقائق. وفي شرقيها نهر ينزل من نهر المرفأ إلى نهر ياجوج. وفي شرقي ذلك قاعدة التتر في عصرنا، قراقرم. وهي حيث الطول مائة وخمسون درجة وأربعون دقيقة، والعرض ثلاثون درجة وست وثلاثون دقيقة. وفي جهاتها بلاد المغل وهم خاصة التتر، ومنها خاناتهم، ولهم في هذا الجزء والذي يليه بحيرة كوارث. وبجنوبيها جبل كوارث الذي ينزل منه نهر البحيرة (..) ونهر البحيرة التي سيأتي ذكرها.
الجزء العاشر: فيه بقية بلاد المغل وبقية بحيرة بلاد كورث. وفي شرقيها بحيرة السوكام، طولها أربع مراحل وعرضها مرحلتان، وليس ينزل إليها نهر، بل في جوفها ينابيع ومياه الأمطار تتسرب إليها من الجهات. وفي شرقيها بلاد الطرغل، وهو طائر يصيد طائرين في نهضة واحدة، يضرب الأول ويتركه يقع ثم يصيد الثاني. ويقال لها أيضاً بلاد السنقر. وفي جنوبهم وشرقي بلاد المغل، بلاد سميغلي وهم أخوة المغل، إلا أن الرياسة للمغل، ولهم مدينة سميغلي على بحيرة، حيث الطول مائة وسبع وسبعون درجة واثنتان وعشرون دقيقة والعرض اثنتان وثلاثون درجة غير دقائق. ولهم جبل يلتوي على شرقي بلادهم من صين صين ويدخل في البحر المحيط، وينزل إليهم منه نهران إلى بحيرتين ينحدر فاضلهما إلى البحر في آخر المعمور. وفي شماليهم نهر منجار الكبير، ينزل من جبل الصين الأعظم ويكون في آخره بحيرة متوسطة، ثم يخرج منه نهر ويكون بحيرة صغيرة، ثم يصب فاضلها في البحر المحيط. وفي شمالي هذا النهر جبال القرقر، وهي دائرة ببلاد هؤلاء القوم، ويزعم المسافرون أن عيونهم في صدورهم. ولهم مدينة القرقر في آخر العمارة، وفي جنوبيها بحيرة يخرج منها نهر إلى بحيرة ثانية.