وموضوعها حيث الطول مائة درجة والعرض ثمان وعشرون درجة، ولها مدن وعمائر عظيمة. وفي غربيها مدينة غزنة العظمى، حيث كان سرير سلطنة محمود بن سبكة صاحب الغزوات المشهورة في الهنود، ثم كان بها سلاطين الغور الذين فتحوا كثيراً من قواعد الهند، وبقايا ممالكهم إلى الآن في مدينة دلهي لم يقدر عليهم التتر. والإسلام عزيز في حوزتهم. وغزنة المذكورة تقع حيث الطول اثنتان وتسعون درجة وإحدى وخمسون دقيقة والعرض ثمان وعشرون درجة وأربع وخمسون دقيقة ولها مدن معجمة.
الجزء السابع: أول ما يلقاك من خط الإقليم الرابع مدينة القندبار وهي من قواعد بلاد الهند حيث الطول مائة وعشر درجات، ويقال إنها إحدى الإسكندريات التي بناها الاسكندر في الأقطار. ولما فتحها المسلمون بعد كابل صارت ثغراً في وجه الهند، وهي على النهر المنسوب إليها والذي ينزل من الجبال المنسوبة إليها التي في غربيها، ويمر النهر بجنوبها ويحتضنها منه باع فتبقى في وسط الماء وينزل النهر الصغير في النهر الكبير الذي ينزل في مهران. وعلى نهر السند في هذا الجزء، وجبال كفار الهنود في جانبه الجنوبي وفي شماليه، بلاد معجمة للمسلمين. وكفار الهند الكائنين تحت الذمة كانت مضافة للقندبار. وفي شرقي ذلك بلاد كفار الهند إلى أن يدخل في بلاد هندوستان التي فتحها غياث الدين الغوري صاحب غزنة وأخوه شهاب الدين. فأولها من كراسي الملك المشهورة يافون. فيها نائب سلطة من سلطان دلهي، وهي حيث الطول مائة وثلاث وعشرون درجة والعرض ست وعشرون درجة وخمس عشرة دقيقة. ولها بلاد معجمة ورعاياها هنود كفار والجند ترك مسلمون. ومياه هذه البلاد برك من مياه الأمطار يقولون لها البلاحات.
الجزء الثامن: أول ما يلقاك منه بلاد هاشي التي قاعدتها في الإقليم الرابع. وفي شرقيها قاعدة بلهرا ملك ملوك الهند، وهي مدينة القنوج، التي أطال غزوها والتردد عليها السلطان محمود على مسيرة ثلاثة اشهر. وموضوعها حيث الطول مائة وإحدى وثلاثون درجة وخمسون دقيقة والعرض تسع وعشرون درجة. وهي بين ذراعين من نهر كنك المعظم عند الهنود، وتصير بهما جزيرة. وعلى جانبي هذا النهر، في انحداره من هنالك حتى بحر الهند، قلاع البراهمة التي لا ترى. وهم عباد الهند الذين ينسبون إلى البرهمن وهو أول حكمائهم وسلاطينهم الذين اجتمعت لهم ممالك الهند وأديانها. وهم لا يرون يؤكل ما فيه روح. والأبداد عندهم. الواحد عندهم يخلد في هذا العالم لأنه صفا وتروحن واستحق ذلك. ولهم في هذا الباب خوارق. وعبادتهم دائرة على رقص الجواري ولعبهن في الأبداد. ومن أراد التقرب منهن حرق نفسه أو دخل إلى نهر كنك المذكور. وهنالك شجر القنا في غاية الارتفاع وقوم مرتبون ولهم سيوف مسلولة وخناجر قائمة لبعض المتقربين يربط رأسه في طرف قناة ثم يحني عنقه فينزل الرأس وترتفع القناة على شط النهر. وآخر يلقي نفسه من شاهق على تلك السيوف والخناجر فيقطع. وآخر يغرق نفسه في النهر. ويزعمون أن هذا النهر من الجنة، وأنه متى جعلت فيه القاذورات أظلم جوه وامتلأت أرجاؤه من الرياح والأمطار والصواعق. وقد جرب ذلك السلطان محمود عند عقبة عوزك، فوجد ذلك صحيحاً. واطلب ذلك في التاريخ اليمني الذي صنفه أبو النصر العتبي في سريته. والمشهور من المدن التي على هذا النهر في هذا الجزء عوص. وهي على غربيه في جادة الطريق التي يسلكها تجار المسلمين في ساحل المكنونات إلى دلهي. وسكانها من كفار الهنود لكن لهم سياسة في مسلك التجار عليهم.
وموضوعها حيث الطول مائة وثلاثة وثلاثون درجة والعرض سبع وعشرون درجة ونصف. ومن شرقي هذا النهر إلى آخر هذا الجزء جبال بلهارا، فيها كثير من بلاد الهند المعجمة. وهذه المملكة عندهم أعظم ممالك الهند ولصاحبها يدين سائر ملوكهم وفيها الفيلة الكثيرة والكركدنات التي تقطع الطرق فلا يسلكها إلا الجمع. ويقال إن الفلفل ينبت في مجاري مياهها بحيث لا يصل إليه أحد وتأخذه السيول فيلتقط وينشف.