للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

) فأقول (يا مولاي أنت تعلم أني لم أتعب الرواحل إلا لاقتياد الراحة. ولم أطو المنازل إلا لازدياد بسطة راحة. وقد أخرج الله تعالى من جب نفسي الإمارة أو حال حب المناصب. وأترع جل شأنه قليب قلبي بزلال اعتقاد أن الاشتغال بالعلم أعلى المراتب وأغلى المواهب. فليس لي اليوم ميل إلا لتحصيل ما يقومني في الاشتغال بالتأليف والتدريس. والاستغناء بمجالسة المستفيدين على موائد قرى القراءة عن كل جليس. لكني كلما هممت بالتماس لك الأمر. نهاني عنه ذوو النهي وأمروني بمر العبر. قائلين أن العجلة تزري بمثلك. وكلامك في ذلك مع قرب عهدك بالقدوم محض الفضول بالنسبة إلى فضلك. وحاشا أن تغفل الدولة عما يليق بك من الإكرام. وليس التأخير إلا لكثرة المصالح والمهام. وطور إسلامبول. ما وراء طور العقول. فلذلك يا سيدي لم أظهر إلى الآن ما في الضمير. ولم أكلف أحداً في خير أو حقير. وقد أعانني على ترك الإظهار. أنسي بحسن معاملة الكبار والصغار. وقريباً إن شاء الله تعالى الجواد المطلق. يسود بما أنال من العيش الأخضر والذهب الأصفر وجه العدو الأزرق. فليقل الأكراد ما شاءوا. وسيظهر إن شاء الله تعالى قريباً كذب ما أشاعوا. وليكن ذلك عند حضرتكم كطنين ذباب. أو كأطيط سرير أو كصرير باب. ثم أني أعجب منهم. وأستغرب ما يروى عنهم. فطالما أكرمت فقيرهم. وجبرت بمومياء سعيي كسيرهم. وعلمت جاهلهم. وعظمت فاضلهم. ومسحت بأردان الشفقة دموع باكيهم. وأزلت بأكمام الهمة غبار الأذى عن وجه شاكيهم. وأنسيت غريبهم داره. وسترت لذي شنار منهم شناره. وأشركت من قرأ علي من طلبتهم في الأقوات. وبالغت في إكرام نزيلهم عندي في سائر الأوقات. إلى محاسن أعوزها الحد. ومكارم لا تكاد تعد. وأظن ومعاذ الله تعالى أن أفتري عليهم. إن الذي أوجب إساءتهم إلي إحساني إليهم.

فمن يفعل الإحسان مع غير أهله ... يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر

والكلام كثير. ويغني عنه أنك بحال القوم خبير. وكم لي فيهم عنك رواية. وفي ذلك يا منتهى الإرب كفاية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.) وخمست (ما بقي من بيتي الفاروقي. ولكن بعد أن عظم فرقي. وأرسلت ذلك لخدمته وقلبي يخفق كقرطي مارية لمزيد فرقي. فقلت:

قلم القضا بمداد محبرة الدجا ... في أصبعي يد قدرة القهار

بمكاتب ملئت لعمري حكمة ... كم خط من أمر بصحف نهار

وجرى فأجرى ما تقدر حكمه ... من حادث ما مر بالأفكار

فاصخ لما يبدي إليك صريره ... في أمر باريه من الأقدار

) وكتبت (للسيد عبد الغفار. ما فيه شكر أياديه الغزار. وذلك ما تقدم من تخميس نظمي وتسميطه. وأين وشل نثري من مديد نظمه وبسيطه.) وهذا ما كتبته (مولاي فؤاد الفضل ولسان الأدب. والمفترع بثاقب فكره أبكاراً عرباً من غواني أشعار العرب. السيد الذي جعل أحرار المعاني البيض عبيداً لسمر أقلامه. وكسى نصال الأسنة الزرق حمرة الخجل تارة وصفرة الوجل أخرى بسود أرقامه. ذو الخلق الذي هو أعطر من شرابه الندي. كدرار راوق الفصاحة ومغفر الرجاحة عبد الغفار أفندي. أقر الله تعالى برؤية عينه العين. وفرق سبحانه بوصاله البين من البين. وصل إلى تخميسك الذي غنت به السبع الطباق. وتوحدت بالترفع فيه على قنة الإبداع في جميع الآفاق. ولعمري لقد أريتني بمرايا مزاياه نقطة العلم بحقيقة القول بوحدة الوجود. حيث لم أفرق حقيقة بين فرعه وأصله مع أن ذهني في الفرق لدى الجمع محمود. بهاتيك الدار. بيد أنك تركتني في بيداء الأفكار. بل في بحار دموع أذيلها على ما صنع الملك الدوار. فأنشدت قول القائل في سالف العصر.) رق الزجاج ورقت الخمر (.

<<  <   >  >>