بسم الله الرحمن الرحيم أحمد مولاي المحمود بكل فعاله. وأشكره على مزيد أفضاله. وأهدي الصلاة والسلام إلى من ترقى في السفر إلى أعلى مقام. حتى جاوز الأين. وشاهد العين بالعين. وعلى آله وصحبه. ومن حظي بقربه وبحبه.) أما بعد (فمعروض العبد. الداعي في القرب والبعد. لحضرة سيده وسعد الزمان. وقطب السادة وفخر الموالي وعضد الأعيان. معرضاً عن تعاطي المدح وذكر الألقاب. مشتغلاً بالشكر والدعاء لذلك الجناب. لما رأيت أني إذا تعاطيت ذلك. أكون كالمخبر عن ضوء النهار الباهر. وأني حيث انتهيت من القول فيما هنالك. أنسب إلي العجز والتقصير الظاهر. لا بل فارس مضمار البلاغة إذا أطلق عنان قلمه في ذلك الميدان. فأتى بما لم يبلغ بليغ بلاغة وأنسى محامد عبد الحميد ومحاسن حسان. لم يصل هناك إلى غاية. بل لم يأت في ذلك المقام بآية. وكيف وأني بإحصاء الثناء. على مولى هو أخو المجد وأبو الثناء. المحيي لما عم مما لا يدركه الخال ولا يضبطه الحد. من دائر مآثر الأب والجد.) لكني أقول (هو أول ثاني ركبتيه في معالم هذا العصر لكشف أسرار التأويل. وآخر كشاف بإيقانه عن روح المعاني المحتجبة بأنوار التنزيل. بحر العلم المحيط بكنز الدقائق. ورموز الحقائق. ولكن ليس له ساحل. وطود الفضل العظيم الذي يهتدي به كل فاضل. كريم في طرق الفضائل والفواضل. بدر هالة الكمال المضيء بأنواره المستفادة من نور شمس النبوة المشرقة من مطالع بروج الفتوة جميع الآفاق. وقطب تداوير أفلاك الجلال المثمن بحاوي تحريراته ومحوي جاراته السبع الطباق.) وخلاصة القول فيه (لمن أراد كشف القناع. أنه لو صور نفسه الكريمة لم يزدها على ما فيه من كرم الطباع. فلهذا غدا بحر كمال لا عيب فيه سوى أن عباب علومه قد عذب وصفا.
لا يدرك الواصف المطري خصائصه ... وإن يك سابقاً في كل ما وصفا
أعني بذلك حضرة سيد وأستاذي. ومن هو بعد إلهي سبحانه سندي وملاذي. من اسمه وفعله ومقامه محمود. وعلمه وفضله وكماله غير محدود. وأسأل الملك العزيز السلطان. أن يحفظه من شر الشيطان. ومن كيد إخوانه أبناء الزمان. وأن يمنحه من كل ما يريد الأولى والأخرى. حتى يحوز خيري الأولى والأخرى. إن الحقير وأياديكم. التي أقرت بها أعاديكم. منذ حسدنا الدهر على التشرف برؤيا محياكم. وأستكثر علينا التعطر باستنشاق طيب رياكم. فأخذ بزمام عزمكم للتوجه نحو ديار الروم. وأقعدنا على العجز عن الوصول إلى ما نروم. تراكمت علينا غيوم الغموم. وتكاثرت أمطار الهموم. وتناوبت النوائب وأصابت منا المحز المصائب. وغزتنا جيوش الأشجان. وأحاطت بنا كتائب الأحزان. ولم نزل بعد بعدكم على هذه الحال. إلى أن نزل بنا ما نزل ومحا من وجه الأرض الخال. فضاق علينا إذ ذاك القفص. واتسعت دائرة الغصص. وصرنا في ظلمات الأكدار. لا نعرف الليل من النهار. وكيف حال من فارق قريبه الذي والاه. فأيس من إيابه. ونأى عنه ملاذه ومولاه. فرجا أن يراه ليزول ما به. ولا زلنا في هذا الزمان اللئيم. نذوق من العذاب الأليم. لا سيما في هذه الأيام. فقد فقد العبد من مولاه الميل التام. عبد السلام له كافي. وإن كان لا يحصل به تلافي. وأني بوجودكم لأجول في بغداد نظراً وفكراً. فلا أرى فيها من يكون كما كنتم لباز هواي أو أكون كغراب التفاته وكراً. فلذا تركنا الدار لأهله والدرس. وطوينا العرس على الفر والفرس. وأعرضنا عن الأسفار. ماثلين إلى الأسفار. ومشتغلين في الأسفار. عن خفيات الإظهار. وأني في بغداد وإن لم أقل كأنني مصحف في بيت زنديق. لكنني كالغريب ليس لي فيها قريب ولا صديق. لما أن بغداد. وأنت الخبير بها لا تقاس بالبلاد. فإنها وإن كان في أهلها فضل كمال. ليس فيما بينهم فضل كمال. فالسؤال من حضرة الشيخ الكاشف برأيه عويصات الزمن. بطريق الاستشارة والمستشار كما قال مشير دولتي النبوة والرسالة مؤتمن. إن السفر لمثل الحقير إلى دار الخلافة استنبول. هل فيه فائدة بوجهٍ ما وهل يحصل فيه مأمول. ولو مع طول المدة وقطع النظر عن الرجوع إلى الأوطان. والقطون مع من قطن في تلك البلاد من الأخوان.
فيم الإقامة في الزوراء لا سكني ... فيها ولا ناقتي فيها ولا جملي