للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكما عدمت فيها مسكني. عدمت صديقاً إليه مشتكى حزني. ومن المأمول زيادة وظيفتي المقابلة للتدريس في الأستانة الكيلانية. وذاك شيء ليس بخارج من كيس صدقات الدولة العثمانية. وإني سيدي وإن كنت لكم من أحقر الخدم. أظنني وليس من البعض عندكم من أهل البيت والحرم. وقد خلفتموني لدهرٍ شديد. وعيشٍ غير سديد. فها أنا أطلب الفرار. ولا أجد القرار. فتعطفوا بجوابي. لتزيلوا ما اختص من الجوى بي. ومع منعكم من استسحاب الحقير. في هذا السفر الخطير. أنتم منه في هذه المرة سالمون. وللدعاء منا والتفضل علينا غانمون. وما أردت فيما مضى تكليفكم بشيء لا يوافق طبعكم السليم. لا ومن) لا يكلف نفساً إلا وسعها (وهو سبحانه بذاك عليم. والآن إذا سافرت فبلغت المنى برؤيتكم. لي في شيء من الأشياء الكلية والجزئية. بل لو أردتم عدم الانتساب إلى حضرتكم أنتسب إلى المشايخ القادرية. هذا وأني لا أعتقد بل أعلم أن تحويل الأحوال. وتصريف الأفعال بيد الملك المتعال. وهذا كما هو ظاهر لديكم وعلمكم به اشتمل منا وأكمل. كالتوكل لا ينافي تعاطي الأسباب وإن كان الترك أعلى وأفضل وأحلى وأسلم. على من به كتاب الرسالة قد ختم. ثم كتب في الحاشية.

وأهدي التحيات الوافيات لنجلكم ... مدى الدهر في الأنعام لا زال باقيا

ثنائي له أبدية في كل محفل ... وأدعو له يرقى العلوم مراقيا

ومن بعد للأحباب أهدي تحية ... كذا العبد والخدام نلت الأمانيا

) وهذا ما كتبته (في جوابه. ولا أظنه يطفئ مزيد جوىً به: ما كنت أظن أن من الكلام ما يبري الكرم. ومن السلام ما يباري نسمات الأسحار في مدينة السلام. حتى ورد علي كتاب الإعجاز أول صفاته. والمجاز إلى معالم الحقيقة أحد طرقاته. فهو ولا أطيل آية الله الكبرى الدالة على شرف الإنسان. وأنه المشار إليه بالبنان من بين من أوتي البيان. أتحفني ولدي القلبي. وحبي المقصور لسلامة خيمه في خيمة حبي. الأجل الأشيم.) عبد السلام أفندي (الأفخم. ملأ الله تعالى بالسلامة أهابه. ولا زال السرور يملي علي حسب أملي كتابه. فيا لله تعالى دره من ولد. قد بربي وربي عندما كاد يذهب بكبدي الكبد. إلا أني شكوت من شكواه. نحو ما كنت أشكوه إذ كنت ثاوياً مثواه. مع أمور أدرجها في كتابه. واتخذها درجاً إلى شرح ما به. فمذ وكر على ذهني عقاب ملخصها. طارت قطاة قلبي عوفيت من مفحصها. وصرت كلما طالعت من طلائع أحواله جملة. حملت على جيوش الهم حملة أي حمله. إذ أنت يا ولدي. بمنزلة عبد الله عندي. يؤذيني كثيراً أقل ما يؤذيك. ويورثني هماً عظيماً أحقر ما يؤثر فيك. إلا أنك على ما يشعر به كتابك لا شعور لك بذلك. ولذا ظننت أني ضننت عليك بما ينفعك في صحبتي فيما سلكت من المسالك. لا والله ما كان آبائي عن صحبتك بخلاً. ولا مر ببالي أن لست يا حلو الشمائل لصحابتي أهلاً. لكني كنت أعرف أن المسلك وعر. وهو ثلج الله صدرك وغر. وأنا حديث سفر. وغر نفع وضر. وجاهل بما ينال العالم. فيما أردت التوجه إليه من المعالم. فخشيت أن يلم بك ما ألام به. ولا ينالك من ركوب مطايا السفر غير كربه. على أني لما ألقيت عصا التسيار. وألفيت الرحلة بأسفار نهار الاستقرار. فتحت غيني على جنة جميلة الذكر. لكن قطوفها اليوم نائية. وحوراء دقيقة الخصر. إلا أنها لعطف عطفها في كل ساعاتها ثانية. قوس أنعام. بيد أنه لا تحوم صوب الغرض منها السهام. وإذا حققت حالي. تحققت صدق مقالي. ولولا أن القلم لو شرحت يغص بريقه. والقرطاس لو فصلت يفزع لشق زيقه. لأسمعتك ما يصم سمعك. ويصم كل ربع خلا ربعك. فالآن إن كنت مصراً على فراق مصرك. وجازعاً من تجرع حنظل سوء المعاملة من أبناء عصرك. فاستعر لك طبعاً أو اشتره بالثمن. ولكن لا أقدر أن أجيبك إن قلت مثل من. وبعد ذلك الصبر سنين. ونصب فخ للدنيا حبه ما عندك من الدين. ومع هذا لا أجزم بحصول مرادك. وظفرك بما لم تظفر به في بلادك. إذ من رأيناهم من الوافدين أشبه الناس بغواص البحر. تارة يظفر وأخرى ينال ما يناله من الشر. وأقول لك بعد كل حساب. سلك الله تعالى بك وإيانا مسلك الصواب.

لا تيأسن من العوا ... قب فالأمور لها انفراج

بينا شجاك رتاجها ... إذ قيل قد فتح الرتاج

إن الليالي شربها ... فيه العذوبة والأجاج

<<  <   >  >>