للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العالم الكامل. والفاضل الفاصل بين الحق والباطل. ملاذ الفقراء والمساكين. الواصل إلى الحضرة القدسية بمعارج اليقين. نعني به محمود الطائفتين. ومفتي الفرقتين. أعلى الله تعالى سرادقات الأدب بعلو قدرك. وجعل أهلة المتسللين من كل حدب تحت ألوية نهيك وأمرك. وأينع أزهار الحقائق في حدائق بيانك. وحلى أبراد الدقائق بطراز رقوم بنانك. ولا زال أهل الدوائر تتطفل على موائدك. وتستخرج فرائد المعاني من بحار فوائدك. ولا برح لسان المجد ينطق ببراعتك. وكرة الفضل تدور إلى محور عبارتك. ولا فتئت أشجار عدوك وآصالك وإرقة الأفنان. مثمرة كما تهوي ثمار اللطف والإحسان. آمين يا رب العالمين.) وبعد (فقد وصلت رسالتكم الكريمة. التي هي عن كل عيب سليمة. فجنيت بأنامل الفكر ثمراتها. واجتليب بإنسان العين مخدراتها. فإذا هي روضة غدقة. وريحانة غبقة. ويتيمة عقد. وتميمة مجد. ومطالع بدور كمال. ومشارق شموس إقبال. ذات نثر متفق الفقر. لم أدر أقطع جمان أم وشي حبر. أم قلائد غوان أم حدائق زهر. كلا بل هو سحر يؤثر. ثم تأملت ما اشتمل عليه من جنات ألفاظ زخرفت. وبروق معان تألقت. وسحائب سطور تألفت فحنوت على فرائد جواهرها لكونها يتامى. وترشفت من كؤوس حروفها مداماً يظنه الناس كلاماً. وخلب لبي سحرها الحلال وكنت أظن السحر حراماً. ومذ ملأت حقاق مسامعي دراً. قلت سبحان الله إن من الشعر لحكمة وإن من البيان لسحراً. وقد تضمنت التعزية بأفول شمس فلك العرفان واليقين. على القدر ولدي علاء الدولة والدين. وبغروب قمر سماء قلبي أخيه الأصغر. محمد أسعد المشرق إشراق الفجر الأنور. ولعمري لقد كانا يروي ثغرهما عن الضحاك مع أنهما ابنا جلا. وريقهما عن المبرد مع أنهما طلا. فإنا لله وإنا إليه راجعون. وهذا ما ينبغي أن يقوله عند المصائب المؤمنون. والصبر عند الصدمة الأولى. هو الأحرى بالمؤمن والأولى. نعم العدل وحبذا العلاوة. ولمر القضاء عند أهل الفناء حلاوة.

أيا شمساً لها سرى سماء ... بحقك لا تغيبي عن سمائي

ويا نوراً ويا بدراً تجلى ... لقلبي بالغداة وبالمساء

رويدك لا تغب عني فإني ... إذا ما غبت أهلك في بلائي

وحب صادق في جمع جمع ... وموت النفس في بحر الفناء

وتلوين وتمكين وسكر ... بخمر راق في كأس الصفاء

فهذا في الحقيقة سر كنزي ... وهذا نور معنى في البقاء

وهذا جوهر من بحر فكري ... وكل الدر يوجد في خبائي

وكل لمحة من كل معنى ... أراها قد تجلت في قبائي

فخذ مني مليحات المعاني ... تجد كل العرائس في فنائي

وتأتي لي شموس في المعالي ... وأولاد الحقيقة في صفائي

ومن قد حل في أوج التجلي ... فكيف يطوف في حجب العماء

أنا المتجلي والتحقيق شغلي ... ووجد الحق قصدي وابتغائي

وأرجو من ألطاف المولى العميمة. وأوصافه الكريمة. أن يغض عن شرب سبيكة هذا الجواب طرف الانتقاد. وأن يلمحه بمقلة المحبة والوداد. فإنا أجبنا لكن بالذر عن الدر. وبالصفر عن التبر. وبالذبالة عن السراج الوهاج. وبالوشل عن البحر العجاج. لكن المودات. تجعل السيئات حسنات.

وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا

) وقلت شعراً (:

دع الأنوار فهي حجاب عين ... ورأس مقام عباد الخيال

ولكن الذي يفني ويبقى ... ينال خصوص أحوال الرجال

العلم علمان علم الروبية. وعلم العبودية. وقد ذكرنا ما ذكرنا ليعلم ذوق الذائقين. وعشق العاشقين. ونار العارفين. ونور المحبين. وأنس المشتاقين. ووجد الواجدين. وثمرة المكاشفين. وكشف المجاهدين. وأسرار المتناهين.

لقد طفت في تلك المعاهد كلها ... وسيرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلا واضعاً كف حائر ... على ذقن أو قارعاً سن نادم

<<  <   >  >>