) ومنهم المشير المحكم قوانين الرياسة أي أحكام (. حضرة) رفعت باشا (رئيس مجلس الأحكام. وهو لين الجانب. متواضع للأهالي والأجانب. وله اعتقاد أظن أنه راسخ. بأهل الزوايا المتزينين بزي المشايخ. وقد كان معظم رجال الدولة. في هذا الاعتقاد مثله. ويجبرهم على الاعتقاد رجاء أغراض دنيوية. ويجيزهم عن الانتقاد خوف تأثيرات نفسية. وحب الدنيا يفعل بالعقول. فوق ما تفعله والعياذ بالله تعالى الشمول. ولحضرة المشير المشار إليه شغف بالمناصب. يكاد يخرج إلى حد الأمر الغير المناسب. فتراه إذا انفصل مضطرب البال. مضطرم البلبال. لا يدري ما يصنع. وما يحط وما يرفع. جيشه مهموم. ونديمه لا يسقى إلا بكاسات غموم. وهو في المنصب أنور من صبح مسفر. وأنشط من ظبي مقمر. ذو فكاهة مع الجليس. تغنيه عن احتساء الخدريس. وقد صحبته منصوباً ومعزولاً. وعلمت من أحواله جملاً وفصولاً. وبالجملة. هو من خيار رجال الدولة. وذلك من حيث الغيرة والوفاء. وحسن المعاملة مع الغرباء. عزل في الحادي والعشرين. من شوال سنة الثامنة والستين. وعاد إلى رياسته الحالية. في شعبان السنة التالية. فله اليوم في مجلس الأحكام. نقض وإبرام. وتوهين وأحكام. على قانون لو رآه ابن سينا لقال هذا لي إمام. أو عرج عليه عمر الخيام. لنصب عليه الخيام. أسأل الله تعالى أن يوفقه لما هو الأحرى. وييسره لما هو الأولى في الأولى والأخرى.
) ومنهم ذو النجابة التي تتشعشع أنوارها من جبينه وتبتلى حضرة سليمان باشا (أحد الأعضاء الرئيسة في مجلس الوالا. وهو ذو أخلاق أرق من دمعة الصب. وألطف وأبل غب الجدب. وله وفاء وافي. وفؤاد عن كل غش صافي. وغيرته على ملته. وصدق جلي في خدمة دولته. بهر نجم سعده الأنور. فلم يزل يترقى في المناصب وحتى صار سر عسكر. ثم غض طرف الحظ عنه بعض الإغضاء. فانفصل عن ذلك وصار في مجلس الأحكام من الأعضاء. لكنه أيضاً مشار إليه في البين. فأنزل من ذلك المجلس منزلة إنسان العين من العين. وفي أواسط السنة الثامنة والستين أعطي أيالة حلب. فحلت أهاليها من شطور عدله المبين در المنى والأدب. فهو اليوم والٍ هناك. بسيرة ترضي الإنس والجن والأملاك. أسأل الله تعالى أن يحفظه من كل مكروه. ويبلغه بلطفه كل ما يرجوه.
) ومنهم ذو الأخلاق الذكية الزكية. حضرة عالي باشا مشير الخارجية (وهي أحيى من كتاب. وأصحى قلباً من دمع سحاب. وأعظم تواضعاً من أرباب السلوك. لكل من قصده من غني وصعلوك. ذو فتوة وعفة. لا يرفع إلى سفاسف الأمور طرفه. نال الصدارة العظمى في الحادي والعشرين من شوال سنة الثامنة والستين. وقد فارق غيلها الليث الهسور. حضرة الرشيد الصدر الأسبق على كل الصدور. فما كان ذلك إلا من إقامة الفرع مقام أصله. واستعمال جزء الشيء في كله. فإن حضرة ذلك العالي القدر. كضلع من أضلاع ذلك الصدر. وهو الذي أوقد نبراسه. وأيد أساسه. وأعلى بين الرؤوس رأسه. ثم أنه عزل بعد أيام قصيرة من غير تقصير. وأخرج من الأستانة وجعل والي أزمير. وهو اليوم فيها. مترقب أن يعود إلى الأستانة بحالة يرتضيها. أسأل الله تعالى أن ينشر له أجنحة السرور. وييسر له ما يقر العيون ويشرح الصدور. وذلك بالعود إلى مسنده الأول. فإنه لديه فيما أظن أجل وأفضل.
) ومنهم كوكب السعد. الذي هو في فلك المجد. أجل السواري. حضرة المشير علي غالب باشا داماد حضرة الشهرياري (وهو سر أبيه الصدر الأعظم. والرشيد الذي قال رشده لكل معاند سلم تسلم. قد جمع قبل أن يبلغ من العمر عشرين. ما تفرق من أنواع الكمال في الفلاسفة المعمرين. واسترق رقاب الأحرار بالمكارم. قبل أن تسرق أيدي الآظار منه التمائم. ولما أن طر شاربه. وأذن الظمآن النظر أن يرد مباه حسنه حاجبه. صحكت فنون كماله على أكثر أهل الذقون. حتى إذا أحسوا بنقائصهم بكوا بعيون الندم على ما فاتهم من هاتيك الفنون. فلما رأى حضرة ظل الله تعالى ما أظل هذا الشاب مما سما به على السماء المظلة قدراً. استولى حبه على قلبه حتى خرق الحجاب فاختاره من بين شباب دولته صهراً. إلا أنه إلى الآن لم يقترن السعدان. وكأنك بهما إن شاء الله تعالى مقترنان.