للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عيونه، وأخْذ صفوته ولُبابه، وأن فيما غادرنا منه ولم نعرض له ما يمكن فيه محاكمتك، ولا تضعف معه محاجّتك؛ ولعلك إذا رأيت هذا الجدّ في السعي، والعنف في القول تقول: إنما وقفت موقف الحاكم المسدد، وقد صرت خصْماً مجادلاً، وشرعت شروع القاضي المتوسط، ثم أراك حرباً منازعاً؛ فإن خطر ذلك ببالك وحدثتْك به نفسك فأشعِرها الثقة بصدقي، وقرّر عندها إنصافي وعدْلي، واعلم أني رسولٌ مبلّغ، وسامع مؤدّ، وإني كما أناظرك أناظر عنك، وكما أخاصمك أخاصم لك؛ فإن رأيتني جاوزتُ لك موضع حجة فردّني إليها، ونبّهني عليها، فما أبرّئُ نفْسي من الغفْلة، ولا أدّعي السلامة من الخطأ؛ والمدّعي أشد اهتماماً بما يحقق دعواه من المتوسط، وعناية الخصم بشهوده أتمّ من عناية الحاكم.

وأعود الى نسَق الكلام الأول فأقول: ورأيتك وأصحابك أنحيْتم في منازعة خصمكم على الدّعاء السّرَق؛ فقال قائلكم: ما يسلَم له بيت، ولا يخلص من معانيه معنى؛ وما هو إلا ليث مُغير، أو سارق مُختلِس، وأنشد منشدكم قول أبي تمام:

مَن بنو بحْدَل من ابن الحُباب ... من بنو تغلب غداة الكلاب

إذا الضيغمُ الهصورُ أبو الأشْ ... بالِ رِئْبالُ كل خيس وغابِ

من عدَتْ خيلُه على سرح شعري ... وهو للحين راتعٌ في كتابي

غارة أسخنت عيونَ المعالي ... واستحلّت محارمَ الآداب

<<  <   >  >>