للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

فخُذا ماءَ رِجلِه وانْضَحا في الْ ... مُدْنِ تأمَنْ بوائقَ الزّلْزالِ

رجُلٌ طينُه منَ العنبَر الورْ ... دِ وطينُ الرّجالِ من صلْصالِ

وبقيّاتُ طينِه لاقتِ الما ... دَ فصارتْ عُذوبةً في الزُّلالِ

فهذا مقدارُ اختراعه، وهذه طريقةُ ابتداعه، فإن زاد عليه وتجاوزه قليلاً اضطرّ الى تعقيد اللفظ، وفساد الترتيب، واضطراب النّسْج؛ فصار خيرُه لا يفي بشرّه، وجُرْمه يزيدُ على عُذره؛ ثم لم يظفر فيه بمعنى شريف؛ وإنما هو الإفراط والإغراق والمبالغة والإحالة كقوله:

لوْ طابَ مولدُ كلّ حيٍّ مثلَه ... ولدَ النّساءُ وما لهنّ قوابِلُ

ولِمَ يُستغنى بطيب المولد عن القابلة؟ وإذا استُغني عنها كان ماذا؟ وأي فخْر فيه؟ وأي شرف يناله؟ وقوله:

لمن مالٌ تمزّقُه العطايا ... ويشْرَكُ في رغائِبِه الأنامُ

ولا ندعوكَ صاحبَهُ فترْضَى ... لأنّ بصُحبةٍ يجبُ الذِّمامُ

لما وقع له المعنى الذي يُقارب الحسن ضعُفَ عن تحسين لفظه؛ فجاء كما ترى.

وقوله:

لم تحْكِ نائِلَكَ السّحابُ وإنما ... حُمّتْ به فصَبيبُها الرُحَضاءُ

<<  <   >  >>