وما أغفلتُ شكرَك فانتصحني ... فكيف ومن عطائِك جلُّ مالي
فأحسن وزاد على أبي دهبل بأن جعل كُلّ ماله من عطائه. واقتصر أبو دهبل على تتابع الأيادي، وقد تصْغُر وقد تكثُر، لكنه انفرد بالمصراع الثاني، فحصل له زيادة لا تقصر عن معنى منفرد.
وما أبعد ما وقع العطَوي من أبي دهبَل؛ إذ أخذ قولابن مُناذر قال الأصمعي: ابن مَناذر جمع مُنذر. قال القاضي؛ وهو أعرف به لأنه بصري؛ فقال:
تراضَيْنا بحكمِ الله فينا ... لنا أدبٌ وللثّقَفيّ مالُ
ففرّقه في أربعة أبيات، بيتُ ابن مناذر خيرٌ من جميعها؛ فقال:
رضينا بحُكمِ الله بين عباده ... رِضا عُلَماء لا تسخُّط جُهّال
لقد جاء بالعِلم النفيس الذي به ... رُشِدْنا فلم نلبس ملابسَ ضُلاّلِ
فلو سُمتَنا لم نُعطِ علماً بثروة ... ولم نرَ للتمييز كُفْواً منَالمالِ
وما ضرّ قول المتنبي:
فاستعارَ الحديدُ لوناً وألقى ... لونَه في ذوائبِ الأطفالِ
وإن كان مأخوذاً من قول العامة: هذا أمر يشيب الطفل. وكانتِ الشعراء قد تداولتْه وابتذلته حتى أخلق ورثّ، وقد زاد فيه الزيادة المليحة، وإنما العيبُ على أبي