للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ صَدَقَة أَي شرع لكم ذَلِك رَحْمَة عَلَيْكُم وَإِزَالَة للْمَشَقَّة عَنْكُم نظرا إِلَى ضعفكم وفقركم وَهَذَا الْمَعْنى يَقْتَضِي أَن مَا ذكر فِيهِ من الْقَيْد فَهُوَ اتفاقي ذكره على مُقْتَضى ذَلِك الْوَقْت والا فَالْحكم عَام والقيد لَا مَفْهُوم لَهُ وَلَا يخفى مَا فِي الحَدِيث من الدّلَالَة على اعْتِبَار الْمَفْهُوم فِي الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة وَأَنَّهُمْ كَانُوا يفهمون ذَلِك ويرون أَنه الأَصْل وَأَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قررهم على ذَلِك وَلَكِن بَين أَنه قد لَا يكون مُعْتَبرا أَيْضا بِسَبَب من الْأَسْبَاب فَإِن قلت يُمكن التَّعَجُّب مَعَ عدم اعْتِبَار الْمَفْهُوم أَيْضا بِنَاء على أَن الأَصْل هُوَ الاتمام وَالْقصر رخصَة جَاءَت مُقَيّدَة لضَرُورَة فَعِنْدَ انْتِفَاء الْقَيْد مُقْتَضى الْأَدِلَّة هُوَ الاخذ بِالْأَصْلِ قلت هَذَا الأَصْل إِنَّمَا يعْمل بِهِ عِنْد انْتِفَاء الْأَدِلَّة وَأما مَعَ وجود فعل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِخِلَافِهِ فَلَا عِبْرَة بِهِ وَلَا يتعجب من خِلَافه فَلْيتَأَمَّل قَوْله فاقبلوا صدقته الْأَمر يَقْتَضِي وجوب الْقبُول وَأَيْضًا العَبْد فَقير فاعراضه عَن صَدَقَة ربه يكون مِنْهُ قبيحا وَيكون من قبيل أَن رَآهُ اسْتغنى وَفِي رد صَدَقَة أحد عَلَيْهِ من التأذى عَادَة مَا لَا يخفى فَهَذِهِ من أَمَارَات الْوُجُوب فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم

قَوْله

[١٤٣٤] صَلَاة الْحَضَر هِيَ مَحل الاوامر الْمُطلقَة وَصَلَاة الْخَوْف هِيَ مَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا الْآيَة يفعل أَي وَقد قصر بِلَا خوف فَهُوَ دَلِيل يثبت بِهِ الحكم كَمَا يثبت بِالْقُرْآنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>