لو كنت ميتاً ونادتني بنغمتها ... إذن لأسرعت من لحدي ألبيها
فقال هات قلت: [البسيط]
بيضاء في حمرة علتْ بغالية ... كأنّها قطفت من خدّ مهديها
فأمر لي بأربعة آلاف دينار، فأخذتها وخرجت.
قال أبو الفضل جعفر بن الفرات الوزير، هذا الكلام مجرّب لكل علّة، بسم الله، ويضع يده على الأرض، ويمسحها على موضع الوجع، ويقرأ: (وَإِنّا عَلَىَ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ) [المؤمنون: ١٨] .
سبع مرات فإنه يزول بإذن الله، سبحانه، وتعالى، لابن حجّاج:
أقول لحمأةٍ وقد طال أمرها ... أردّت وما بي الله أن تكسفي البدرا
فقالت معاذ الله لكن أثبتهُ ... لأمرين قد أوضحت بينها القدرا
أبشره بعدي بطول حياته ... صحيحاً كما أهوى وأكسبه أجراً
سأل الوليد بن عبد الملك شراعة الشاعر عن طيب المجالس فقال: لولا أن المطر يغرق، والشمس تحرق، لما كان في الدنيا أحسن من شرب على وجه السماء وضوء الماء، وصفو الهوى، وخضرة الكلأ، وسعة الفضاء.
دعا رجلٌ قوماً فيهم أبو نواس، فجلسوا، وطالوا وجاعوا، والرجل يدخل، ويخرج، فقال له أبو نواس: [السريع]
يا ذاهباً في داره جائياً ... من ما معنى ولا فائدة
قد جُنّ! أضيافك من جوعهم ... فاتلُ عليهم سورة المائدة
قال دعبل دعاني صديق لي مع جماعة من أخوانه، فوضع بين أيدينا عصيدة قد حفر وسطها، وجعل فيه سمناً كثيراً فأخذ أحدهم منها قطعة وغمسها في السمن، وقال: (فَكُبْكِبُواْ فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) [الشعراء: ٩٤] .
وجرّ السمن إليه، فقال آخر: (أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) [الكهف: ٧١] .
وجرّ السمن إليه، فقال الآخر: (فَسُقْنَاهُ إِلَىَ بَلَدٍ مّيّتٍ) [فاطر: ٩] .
وجرَّ السمن إليه فلم يتكلم أحد، فقلت أنا: (وَقِيلَ يَأَرْضُ ابْلَعِي مَآءَكِ وَيَسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَآءُ وَقُضِيَ الأمْرُ) [هود: ٤٤] .
وخلطت السمن بما بقي فأكلته.
رُوي: أُخذ نصراني مع مسلمة قد فجر بها في انقضاء صومهم، وأول شهر رمضان، فضرب خمسمائة سوط. فأسلم، وألزموه مهر مثلها، وكان مهرها أربعة آلاف درهم، فوزنها، ثم شرع في صوم رمضان، وألزموه بالختان فختن، فلقيه رجل من العدو قال له، كيف أصبحت، فقال أصبحت بأعظم مصيبة ابن آدم خرجت من ديني ودين آبائي، وقطع ثلثي ذكري، ووزنت أربعة ألاف درهم، وضربت خمسمائة سوط، وأصوم تمام ثمانين يوماً وحصل في بيتي قَحْبة.
قيل أن أعرابياً بعث إلى امرأته بنحيٍ سمن وثلاثين شاة، فأخذ الرسول بعض ما في النحي، وأخذ من الغنم شاة، فقالت المرأة للرسول أبلغه السلام، وقل له، إنا جرينا الأسود الذي كان يطالعنا أتانا من بها، وإنّ هلالنا كان محاقاً، فلما أدى إليه الرسالة، قال يا عدو الله أخذت شاة من الغنم ونقصت النَّحي، ولم يفارقه، حتى استرد منه ما أخذ.
ذكر ابن السمعاني في التبديل: بينما الشافعي رحمة الله عليه ببغداد في حلقة المناظرة إذا طرحت بين يديه رقعة، فقرأها علينا وفيها مكتوب: [الطويل]
عفا الله عن عبدٍ أعان بدعوةٍ ... خليلين كانا دائمين على الودّ
إلى أن وشى واشي الهوى بنميمةٍ ... إلى ذاك من هذا فحالا عن العهد
قال الشيخ الإمام العالم مهذّب الدين، بقية السلف، شيخ العرافين أبو الحسن سعد الله بن نصر بن الدجاجيّ، مصّنف هذا المجموع، رأيت رقعة ملصقة في محراب مسجدي، المختارة من بغداد وفيها مكتوب: [الطويل]
شكونا شكونا لى ذي العرش لم تقاصرت ... عن المبتغى أيدي العباد جميعاً
فكن مسعدي يا ابن الدّجاجيّ بدعوةٍ ... عسى يا ابن نصرٍ أن تجاب سريعاً
وأن يلتقي هذا الغريب بأهله ... فيطغى جوىً، أو أن يلذّ هجوعاً
فقد مزّقت أيدي النّوى ثوب صبره ... وملّ فأذرى أدمعاً ونجيعاً
فكتبت تحته: [الطويل]
أعادك يا هذا الغريب مسلماً ... إلى جمع شملٍ عاد فيك قطيعا
وسرّك باللقيا لقوم تحبهم ... وضمّكموا ربع الوصال سريعا
جاء سائل إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله يطلب شيئاً ما. حضر عنده، ثم أنشأ يقول: [البسيط]
يا لهف نفسي على مالٍ أفرّقه ... على المقلّين من أهل المروءات