للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قارع الزبير بن العوَّام عثمان بن عفان (رضي الله عنه) فقال الزبير مفتخراً، أنا ابن صفية، قال: هي أذيتك من الظل، ولولاها لكنت صاحباً.

ذكر أن أبا نواس استأذن على الأمين، وعنده بعض جلسائه، فقال يا أمير المؤمنين: ائذن لي في تحريك أبي نواس، إذا دخل، فقال له: أخاف عليك جواباً مسكتاً، فقال قد أمنَّك الله ذلك، قال فدونك، وهو، فلما دخل واستقر به المجلس، قال له البشري: يا أبا نواس، قال على ماذا، قال قد ولاك أمير المؤمنين الرئاسة على القردة، فقال له فاسمع إذن وأطع، فإنك من الرعية، فضحك الأمين وقال للمعرض نهيتك، فلم تنته فذُق.

بعض العباد رفسته دابة فكسرت رجله، فأتاه من يعوده، فقال لولا مصائب الدنيا، لوردنا الآخرة، ونحن مفاليس.

قال محمد بن علي إن الله سبحانه خدع المؤمنين بعضهم من بعض، سبحانه أو ليس قد استغفرت له فيقول يا رب متى؟ فيقول في اليوم الفلاني، قلت اللهم اغفر لي، وللمؤمنين، والمؤمنات، فإن شئت قبلتها منك، وهي أحدهم، وإن شئت رددتها عليك، وأنت أحدهم، فيقول قد شئت أن تقبلها مني فتزول المظلمة منذ ذلك، فخدع الله المؤمنين بذلك. للمعري في تأديب الولد الصغير:

اضرب وليدكَ، وأذلِلهُ على رَشَدٍ ... ولا تقل هو طفلٌ غيرُ محتلمِ

فربَّ شقِّ برأسٍ خيرُ منفعةٍ ... وقسْ على نفع الرَّأس بالقلمِ

حكى الأصمعي قال: كنت ببعض البوادي، فمررت بشيخ وبين يديه صبي وصبية، وهو يرقص الصبية، وينشد: [المنسرح]

بنيتي ريحانتي أشمُّها ... يعجبني التزامها وضمُّها

فديتُ بنتي ... وفديت أمها

فقلت له أما لهذا الصَّبي فيما أنت فيه حظ؟ فقال بلى قد أخذ حظ، فقلت ما اسم الصبي؟ فقال: حكيم، قلت فهل قلت فيه شيئاً قال نعم، وأنشد [الطويل]

يقرُّ بعيني، وهو ينقص مدَّتي ... مرور الليالي إن يشبَّ حكيمُ

مخافة أن يغتالني الموت دونه ... فيغشى بيوت الحيِّ، وهو يتيمُ

ثم فارقته برهة من الدهر، وغدوت، وإذا بالشيخ جالس، وقد كبر فدنوت منه وسلمت عليه، وسألته عن ولده حكيم، فقال هو سيد أهل الحي اليوم فقلت كيف هو معك مما كنت معه في صغره فأنشد: [المتقارب]

فديتك من رايحٍ يعتدي ... إذا ما البيوتُ اكتسيْنَ الجليدا

كفيتُ الذي كنت أكفيتهُ ... فصرتُ أبالي وصرتُ الوليدا

غبت عنه مدة، وعدت، وإذا به خارج بين يديه جنازةٌ، فقلت يا شيخ ما صنع حكيم، فقال مات حكيم: [الطويل]

لقد كنت أرجو من حكيم إيابهُ ... عليَّ إذا ما النعشُ، ولا تدانيا

فعجَّل قبلي يومهُ فارتديتهُ ... فيا شؤم نفسي من رداءٍ عدانيا

ثم أنشد: [الكامل]

يا مؤنساً سكن الثرى وبقيتُ ... لو كنت أنصف إذ فنيتَ فنيتُ

الحيُّ يكذب لا صديق لميّتٍ ... لو كان ذاك يُميت كنت أموتُ

قيل إنه مر سليمان بن وهب بقبر عبد الله بن يحيى بن خاقان قرب موته، فأنشد شعر مهلهل: [الكامل]

ذهب الخيارُ من المعاشر كلهمُ ... واستبَّ بعدك يا كليبُ المجلسُ

وتنازعوا في كلِّ أمر مُلّمَّةً ... لو كنت ثم شهدتهم لم ينجسوا

قال المنصور الخالدي كنت ليلة عند القاضي في ضيافته فأغفا إغفاءة فخرجت منه ريح فضحك بعض القوم، فانتبه لضحكته، ففطن، ثم مكث هنيهة، ثم قال: [الطويل]

إذا نامت الفتيان من متيقظ ... تراخت بلا شك تسابيح فقحتهِ

فمن كان ذا عقل فيعذر نائماً ... ومن كان ذا جهلٍ ففي جوف لحيتهِ

دخل عبيد الله بن زيد بن ضبيان على عبد الملك بن مروان، وفي خفه مهماز مكسور، فما وضع رجله على شيء من فرشه إلا أخرقه، فاغتاظ منه، إلى أن وصل إلى جنبه، فقال له عبد الملك: يا عبيد الله بلغني أنك لا تشبه أباك.

قال، والله إني لأشبه بأبي من الماء بالماء، والبيضة بالبيضة، والغراب بالغراب، والتمرة بالتمرة، وإنما الشنآن فيمن لا تنضجه الأرحام، ولم يولد لتمام، ولم يشبه الأخوال، والأعمام، وكان عبد الملك قد ولد لستة أشهر، فقال عبد الملك، ومن ذاك، فقال سويد بن منجوف.

<<  <   >  >>