للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسأل رجل من الشعراء رجلاً من المتكلمين بين يدي المأمون: ما سنك؟ قال: عظم، قال: لم أرد هذا، ولكن كم تعد؟ قال من واحد إلى ألف وأزيد، قال: لم أرد هذا، ولكن كم أتى عليك؟ قال: لو أتى على شيء لأهلكني، فضحك المأمون، وقال له: كيف السؤال عن هذا؟ فقال: أن تقول: كم مضى من عمرك؟ وقال مؤدب يزيد بن عبد الملك بن مروان يوماً له: لحنت، قال: الجواد يعثر، فقال المؤدب: إي والله ويضرب حتى يستقيم، فقال يزيد: نعم، وربما كسر أنف سائسه.

ولقي رجل رجلاً فقال: ما اسمك؟ قال: بحر، قال: ابن من؟ قال: ابن الفرات، قال: أبو من؟ قال: أبو الفيض، قال: ما ينبغي أن تلقى إلا في زورق.

وسمع أشعث امرأة تقول: اللهم لا تمتني حتى تغفر لي ذنوبي، فقال: يا فاسقة، لم تسألي الله المغفرة، وأنت سألته عمر الأبد، يريد أنها لا يغفر لها.

وكان أسقف نجران يوماً جالساً في حانوت بعض الناس، فجاء مخبر لصاحب الحانوت بأن زوجته ولدت، فقال: الحمد لله، هذا ولد سعيد، فمكث ساعة، وإذا بآخر قال له: مات الولد، فقال: لا إله إلا الله، ما قضى الله تعالى أن حضرنا على ولادته، ولا على موته، فقال له الأسقف: ولا على عمله.

وجاء رجل إلى حاكم برجل؛ وقال: هذا احتلم بأمي في النوم، فقال الحاكم: يقام للشمس ويضرب ظله الحد.

وكان رجل يهوى امرأة، فرآها في النوم، وأمكنته من نفسها فأخبرها بذلك، فرفعته إلى الحاكم، وقالت له: إنه نال مني في المنام ما أراد، فليدفع إلي حقي، فقال له الحاكم: ادفع لها ديناراً، فقال الرجل: وكيف أدفع لها ديناراً، ولم أنل منها شيئاً إلا في المنام؟ فقال الحاكم: لابد من ذلك، فدفع لها ديناراً فلما جاوزت المرأة الباب، قال الحاكم: ارجعي إلي، فلما رجعت أخذ منها الدينار، ودفعه إلى صاحبه، وقال للمرأة: اذهبي فقد نلت منه بمقدار ما نال منك.

وقال الأصمعي: رأيت أعرابياً بالبادية قد بسط كساءه للشمس وهو يغتلي، فجعلت أنظر، فكان يأخذ البراغيث، ويدع القمل، فقلت له في ذلك، فقال: ابدأ بالفرسان، وأرجع للرجالة.

ووضع ثريد بين يدي قوم، وعليه دجاج، فسرق واحد منهم واحدة منها. فرآه آخر، فلما تم الطعام، قال له: يا فلان، اخرج الدجاجة تلتقط الحب والفتات، فقال: إنها على البيض.

ورأى رجل أحدب قد طلع في بستانه في خوخة، فقال له: يا أبا هشام ما أطلعك هناك؟ قال: سمعت فاض الماء، وجرى على الخوخ، فطلعت أتوضأ.

وخرج خطيب أشبيلية يوماً يتوضأ تحت برج الذهب، وكان أصلع، دون شيء في رأسه، فأخرجت الرميكية رأسها وقالت: بكم تلك القرعة؟ قال لها: بدرهم، قالت: إنما أعطيك فيها مقرعاً، فقال لها: إن كانت غالية رجحتها لك بهذا الببرير.

وضع المأمون طعاماً، وكان عنده أعرابي، فقال: يا أعرابي، هلم، قال: إني صائم، فاختلفت الألوان، فرأى جدياً مشوياً فغسل يده، فقال له المأمون: ألم تقل إنك صائم، قال: أقدر على صيام يوم واحد، ولا أقدر على إعادة جدي مثل هذا.

وكان بالبصرة مجنون يأكل التمر بنواه، فقيل له: بنواه تأكل التمر؟ فقال: كذا وزنوه علي.

ونظر رجل إلى طاق عالية، فوجد فيه امرأة جميلة، وهي تستاك، فقالت له: أتحب سواكاً؟ قال لها: لا أحب سواك، قالت له: ما ساقك إلى هنا؟ قال: إلهنا، قالت: فما أوقفك للهوى، قال: الهوى، قالت له: ما اسمك؟ قال: وجهك، قالت: ادخل إذن علي.

وقالت امرأة للحصين بن منذر: كيف سدت وأنت بخيل قبيح؟ فقال: لأني سديد الرأي، شديد الإقدام.

وقال مسلمة بن عبد الملك لأخيه هشام: كيف تطمح في الخلافة وأنت بخيل جبان؟ فقال: لأني حليم عفيف.

وشكى أبو العيناء حاله إلى عبد الله بن سليمان، فقال له: أليس قد كتبنا لك إلى إبراهيم بن المدبر؟ قال: قد كتبت إلى رجل قد قصر من همته طول الفقر، وذل الأسر، ومعاناة محن الدهر، فأخفقت في طلبي، قال: أنت قد اخترته، قال: وما علي - أعز الله الأمير - في ذلك، قد اختار موسى سبعين رجلاً فما كان منهم رشيد، واختار النبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي سرح كاتباً، فرجع إلى المشركين مرتداً، واختار علي بن أبي طالب أبا موسى حاكماً فحكم عليه.

<<  <   >  >>