للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصلى رجل فقال في سجوده: يا رب، عبدك العار بن العار، سجد لك، الأيمان تلزمني، ما يغفر لي غيرك.

وقيل للحسن بن هانئ: أي شيء تشتهي؟ قال: ما لا أجده في الدنيا ولا في الآخرة، قيل: وما هو؟ قال: ركوب الصبيان على الحلال.

وكان إمام يطول الصلاة على الناس بالقراءة، فقال له الجماعة: إما أن تقصر، وإما أن تترك الجامع، فصلى يوماً، فلما قرأ: الحم لله، قال: ما تقولون في عبس، قال له الآخر: كيست من فيها.

وقيل لأعرابي يدعي حفظ القرآن: ما أول الدخان؟ قال: الحطب الأخضر.

وقيل لأعرابي: أتحفظ: (لم يكن) ؟ قال: أنا لا أحفظ ما كان، فكيف أحفظ ما لم يكن؟ وقرأ رجل بين يدي قوم: (قل هو الله أحد) فخجل ولم يستطع تمامها، فقال آخر؛ من أراد أن يحضر بقية السورة، فليأت غداً إن شاء الله.

وقيل لأبي النخاس، صاحب الأير الكبير، يدخل فيه سبع قولات مصريات: هل جامعت قط بكراً؟ قال: ما أحصيهن كثيرة، قيل: ويكف كن يأتينك؟ قال: (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) .

وجعلت عصيدة بلا عسل بين يدي أعرابي. فقال: عملت هذه العصيدة من قبل أن يوحي ربك إلى النحل.

وقيل لأعرابي: في أي سورة هو:

الحمد لله لا شريك له ... من لم يقلها، فنفسه ظلما؟

ففكر ساعة وقال: في حم الدخان.

وقال أعرابي لآخر: أيهما أفضل عيسى بن مريم أو معاوية؟ فقال: ويلك، تشبه بني النصارى بكاتب الوحي؟ وقال الأصمعي: خرج على قوم في بادية ريح شديدة، فيئسوا من الحياة، ثم سلموا، فأعتق كل واحد منهم مملوكاً أو مملوكة؛ شكراً لله على ذلك، وكان فيهم رجل من بني غفار، فقال: اللهم إنه لا مملوكة لي ولا مملوك، ولكن امرأته طالق ثلاثاً لوجهك.

وكان رجل يقرأ، فقرأ سورة تبارك حتى وصل إلى قوله تعالى: (قل أرئيتم إن أهلكني الله ومن معي) فأرتج عليه، فجعل يكررها، فقال له أعرابي من خلفه: أهلكك الله وحدك، فما ذنب من معك؟ وحكى الأصمعي قال: قرأ رجل: (إنا أرسلنا نوحاً) فأرتج عليه، فجعل يرددها، فقال له نبطي: إن لم يذهب نوح، فأرسل غيره.

وكان ببجاية قاض ماجن؛ فكلما أقبل إليه غلام يعجبه، أو يجلس في حلقته، يقوم على قدميه، ويقول: قولوا عند دعائي: آمين، اللهم ولنا أدبارهم، اللهم اكفلنا أكفالهم، اللهم كبهم على وجوههم، اللهم أعر عوراتهم، واللهم سلط رماحنا عليهم.

ومرض قاض، فدخل عليه أصحابه، فقالوا له: أبشر بالجنة، تقدم عليها، فتأكل من ثمرها، وتشرب من مائها، وتنكح من حورها، فقال بصوت ضعيف: ولكن عندكم أحب إلي.

وجاء رجل إلى قومه، فجعلوه إماماً لصلاتهم، وكان أكثر ما يطعمونه خبزاً وكامخاً، فلما طال عليه ذلك، افتتح الصلاة ذات ليلة، بفاتحة الكتاب، ثم قرأ: يا أيها الذين آمنوا، اتقوا الله، ولا تطعموا إمامكم كامخاً، بل لحماً، فإن لم يكن لحماً، فشحماً، فإن لم تجدوا شحماً فبيضاً، ومن لم يفعل ذلك فقد خسر خسراناً مبيناً، ثم قرأ في الركعة الثانية بعد فاتحة الكتاب: فإن لم تجدوا بيضاً فسمكاً، فإن لم يكن سمكاً فلبناً، ومن لم يفعل ذلك فقد ضل ضلالاً بعيداً، فلما فرغ من الصلاة، قالوا له: في أي سورة هذا؟ قال لهم: في سورة المائدة.

ومات لامرأة ولد، فأعطت القارئ الذي يقرأ عليه أجرة لم ترضه، فقرأ (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) ، فقالت له: ما هذا الذي قرأت عليه؟ قال لها: قرأت عليه ما يناسب عطيتك، فزادته، فقرأ: (على سرر موضونة متكئين عليها متقبلين يطوف عليهم ولدن مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفكهة مما يتخيرون ولم طير مما يشتهون) .

وكان فقيه يشرب الخمر مع شخص من أبناء الدنيا، فقال له يوماً: يا فقيه، ما يكون جوابك يوم الحشر، لله تعالى؟ قال: أقول: (بنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا) .

وسمع ابن أبي مريم هارون الرشيد، يقرأ في صلاة الليل: (وما لي لا أعبد الذي فطرني) ويرددها، فقام من فراشه وقال: لا أدري، والله، فقطع هارون الصلاة، وضحك، وقال: لا تعد.

وسمع أبو العيناء مغنياً غير محسن، فقال: صدق الله: (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) .

وقال أبو نصر: نظرت إلى أبي نواس، وهو يصلي العصر، ثم رأيته بعد ذلك يصلي ركعتين، فقلت له: ما هذا؟ قال: اسكت، يصعد إلى السماء خبر طريف.

<<  <   >  >>