للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصعد أبو العنبس منبراً من منابر الطائف، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فأرتج عليه، فقال: أتدرون ما أريد أن أقول لكم؟ قالوا: لا، قال: فما ينفعكم أن أقول لكم ما لا تدرون؟ ونزل، فلما كان في الجمعة الثانية صعد المنبر، فقال: أما بعد، ثم أرتج عليه، فقال: أتدرون ما أقول لكم؟ قالوا: نعم، قال: فما حاجتكم إلى أن أقول لكم ما قد علمتم؟ ثم نزل، فلما كان في الجمعة الثالثة، صعد المنبر، فقال: أما بعد، ثم أرتج عليه، فقال: أتدرون ما أقول لكم؟ فقالوا: بعضنا يدري، وبعضنا لا يدري، فقال: فليخبر الذي يدري للذي لا يدري، ثم نزل.

وخطب عبد الله بن عار البصري يوم عيد الأضحى، فأرتج عليه، فقال: والله، لا أجمع عليكم عياً ولؤماً، من أخذ شاة من السوق، فهي له، وعلي ثمنها.

وكان بسجستان رجل يعرف بأبي العباس، يتقلد أعمال السلطان، فجاءه أبوه في أمر إنسان، فاشتد عليه وأضجره، فقال لأبيه: إذا جاءك أحد أن تكلمني فقل له: ليس ذلك ابني، فقال: هذا الذي أقول لهم منذ ثلاثين سنة، فلا يقبلون مني، فخجل الابن، وندم على ما قال.

وكان هبنقة يحسن إلى السمان من إبله، ويسيء إلى المهازيل، فقيل له في ذلك، فقال: أكرم من أكرم الله، وأهين من أهان الله.

وضل له بعير، فجعل بعيرين لمن جاء به، قال: أتجعل بعيرين في بعير؟ فقال: إنكم لا تعلمون فرحة من وجد ضالة.

وافترس الذئب له شاة، فقال له رجل: أخلصها من الذئب، وآخذها؟ فقال له: إذا فعلت، فأنت والذئب سواء، وترك الذئب مضى بها.

وقال نافع: كان الفاخري من أحمق الناس، فقيل له: ما رأيت من حمقه؟ فسكت، فلما أكثروا عليه قال: قال لي مرة: البحر من حفره، وأين ترابه، وهل يقدر أمير المؤمنين أن يحفر مثله في ثلاثة أيام؟ واشترى باقل شاة بأحد عشر درهماً، فلقيه رجل فقال له: بكم اشتريتها ففتح يديه، ونشر أصابعه، وأخرج لسانه، فمضت الشاة طريقها.

وضاع باز لمعاوية بن مروان، فقال: أغلقوا أبواب المدينة؛ لئلا يخرج.

وجاء إليه رجل أحمق منه، فقيل له [هكذا] : تعير لنا ثوباً، نكفن إنساناً وترده إليك، فقال: أخشى أن ينجسه، فلا نلبسه.

وجاء إليه قوم، فقالوا له: مات جارك فلان، وما ترك شيئاً، فعسى أن تأمر له بكفن، فقال: ما عندي اليوم شيء، ولكن تعودون إلينا في غير هذا الوقت.

وقال قاص: كان اسم الذئب الذي أكل يوسف عليه السلام كذا، وقالوا له: ومتى أكله الذئب؟ قال: فهو اسم الذئب الذي لم يأكله.

وكان بالبصرة ثلاث إخوة من بني عتاب، كان أحدهم يحج عن حمزة، ويقول: استشهد ولم يحج، وكان آخر يضحي عن أبي بكر وعمر، ويقول: أخطأ السنة في ترك الأضحية، وكان الثالث يفطر أيام التشريق عن عائشة ويقول: غلطت في صومها أيام التشريق.

وخطب عدي بن وتاد الإيادي، فقال: أقول لكم كما قال العبد الصالح: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) فقيل له: فرعون قال هذا، قال: يا قوم، من قاله فقد أحسن.

ووقع بين شخص وابنه كلام، فقال الابن للأب: والله، لولا أنك أكبر سناً مني، لرأيت ما كنت أصنع بك.

وتلا أبو بكر القاضي في وعظه يوماً قوله تعالى: (يتجرعه ولا يكاد يسيغه) ثم قال: اللهم اجعلنا ممن يتجرعه ويسيغه.

وكان قوم من أهل العلم يتناظرون في أمر علي ومعاوية، فقال له أحد القوم: وتعرف أنت من علي؟ قال: نعم، أليس هو أبا فاطمة؟ قال: ومن كانت فاطمة؟ قال: امرأة النبي صلى الله عليه وسلم بنت عائشة، أخت معاوية، قال: فما كانت قصته؟ قال: قتل في غزوة صفين مع النبي صلى الله عليه وسلم.

ووقف على شيخ من أهل العلم، فقال: أصلحك الله، سمعت الساعة في السوق شيئاً منكراً، قال: وما هو؟ قال: يشتمون الأنبياء، قال الشيخ: ومن هو من الأنبياء الذي شتم؟ قال له: معاوية، قال له: يا ابن أخي، ليس معاوية نبياً، قال: فقيه نصف نبي، أيشتم؟ وقال أبو علي اللواز يوماً لقوم من أصحابه، دخلوا عليه في داره: والله، لو كان عندي دجاج مشويات، لذبحتها لكم.

وتعرض الأسد لأهل رفقة، فخرج إليهم رجل منهم، فلما رآه سقط الرجل في الأرض، فوثب عليه الأسد، فشدوا عليه بأجمعهم، فتنحى عنه الأسد، فقالوا له: كيف أنت؟ فقال: لا بأس علي، غير أن الأسد خرا في سراويلي.

<<  <   >  >>