سراج أهل الدير من حسنه ... يجلو دجى الليل بأنواره
كأنما هاروت في طرفه ... ينفث سحراً بين أسفاره
أحرقني ظلماً بنار الهوى ... نجاه رب العرش من ناره
وقوله:
ألا يا لائمي مهلا ... فما لومك لي عدلا
كما لا تقبل العذر ... كما لا أقبل العذلا
وقوله:
أيها الناس لي حديث عجيب ... وهو مستطرف
لعمري
غريب
زار في ليلة المحاق فعادت ... ليلة النصف حين زار الحبيب
قوله يمدح السقام:
سأشكر ما بقيت سقام جسمي ... فلولاه لأعوز ما طلبت
أزارني الحبيب على بعاد ... فأهلاً بالسقام ولو هلكت
وله:
صبرت يا هند عنك ... إذ خنت من لم يخنك
يا هند إن كنت قربي ... فالهند أقرب منك
وقوله:
يا ذا الذي أقلقه همه ... ودفع ذاك الهم في راحته
انظر إلى المرآة حتى ترى ... كيف يزول الهم من ساعته
وقوله في فتى بارد:
وبارد زاد في البر ... د فهو حلو ظريف
ففيه سر كثيرٌ ... وفيه معنى لطيف
يغنيك عن بادهج ... إذا أتاك المصيف
وله:
إن قلت: إنك غصن، كنت ذا ملقٍ ... وقلت فيك مقال الزور [والملق]
إذ كنت تحسن عرياناً ومكتسياً ... والغصن يقبح في عيني بلا [ورق]
[٨٥- أبو عبد الله محمد بن الحسن ابن القرني الكاتب]
كاتب زمانه، وعالم عصره وأوانه، وإليه انتهت الرئاسة في علم النجوم بالجزيرة والهيئة والحساب والخراج وجميع آلات الكتابة. وله شعر جيد، فمن ذلك ما قاله يرثي به أخاه.
أبا حفص فقدت الصبر لما ... رأيتك تحت أطباق الصفاح
وكنت يدي وسيفي عند بطشي ... ورمي عند مشجر الرماح
ولست وإن لحاني في بكائي ... عليك بسامعٍ ما قال لاحي
ولا أرجو صفاءً من زمان ... يغص المرء بالماء القراح
وكيف وقد فقدت لذيذ عيشي ... لفقد أخي وهيض له جناحي
وقوله يصف العرق، وهو من جيده:
ينضح جسمي على الفراش لما ... بالقلب من لوعةٍ ومن حرق
بعارضٍ يستهل واكفه ... على فراشي بالوابل الغدق
كأنني فوقه على رمثٍ ... أسبح في لجةٍ من العرق
مثل غريق نجا بمهجته ... وكابد الموج خشية الغرق
[٨٦- أبو الفتح محمد بن الحسين، ابن القرقوري الكاتب]
شاعر صانع، وأديب بارع. من فضلاء العصر، وحسنات الدهر. وشعره كثير. غير أنه خرج عن صقلية إلى الأندلس فاستوطنها، وصحب ملوكها ووزر لهم، وسار ذكره، وعظم قدره هناك، فلم يوجد له بصقلية إلا ما قاله في صباه، وهو:
حسب العواذل ما قدمن من عذلي ... شغلن بي وأنا عنهن في شغل
أهدين لي ضلةً منهم غير هدى ... ورمن تقويم معوج أخي ميل
يسمنني النسك لا يسأمن معتبتي ... ولا
حق الصبا
ما النسك من عملي
يأبى التغزل بالغزلان من نسكي ... والعيش أجمع كل العيش في الغزل
هيهات خامرني خمر العيون كما ... تخامر الخمر عقل الشارب الثمل
هل الظباء التي يجلسن في سمرٍ ... مثل الظباء التي يكنسن في الكلل
إن العيون نفثن السحر في عقدي ... سحراً يوهن كيد الفاتك البطل
في البيض والسود لي يا عاذلي شغل ... بيض الوجوه وسود الأعين النجل
ولائم لامني فيها فقلت له: ... أقصر من اللوم يا هذا ولا تطل!
هبك الرشيد وهبني قد غوبت إذاً ... فاسلك إني سالكٌ سبلي
وقوله:
بلا مريةٍ، إن العذول لمسرف ... غداة اغتدى في مجهل اللوم يعسف
أطال صحيحاً من ملامة مدنفٍ ... وشتان في أمرٍ صحيحٌ ومدنف
أينكر كوني عاشقاً ذا صبابةٍ ... وعيشي فينانٌ وإلفي مسعف؟
ولي في قلوب الغانيات مودةٌ ... تحل محل السر أو هي ألطف
أأصبر عن غزلان صبرة إنني ... لأوهي قوى مما يسوم وأضعف
مدى الدهر لا أشكو وفي الأرض منزلٌ ... به قهوةٌ بكر ٌ وساقٍ مهفهف
فيا طيبها من كفه إذ يديرها ... ويدني ثناياه إلي فأرشف
رضابٌ ... أبن لي
ما بردت ببرده
غليلي أم ماءٌ زلالٌ وقرقف