قد اشْتهر أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ أول من جمع الْمَصَاحِف وَلَيْسَ كَذَلِك بل أول من جمعهَا فِي مصحف وَاحِد وَأَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ الْعلمَاء كَانَ الْقُرْآن فِي زمن الرَّسُول مفرقا فِي صُدُور الرِّجَال وَلم يحفظه إِلَّا ثَلَاثَة زيد بن ثَابت وَأبي بن كَعْب وَعبد الله بن مَسْعُود وَزَاد بَعضهم وَسَالم مولى أبي حُذَيْفَة
وَقد كتب النَّاس مِنْهُ فِي صحف وَفِي جريد وخرق وأقتاب وأكتاف وأحجار وَغير ذَلِك فَلَمَّا وَقع الْقَتْل فِي أهل الْيَمَامَة فِي خلَافَة الصّديق رَضِي الله عَنهُ قتل كثير من حَملَة الْقُرْآن فجَاء عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ قد علمت من قتل من حَملَة الْقُرْآن وَأَنِّي أخْشَى أَن يَقع الْقَتْل فِي الْعرَاق والمواطن فَيذْهب كثير من الْقُرْآن وَأَنِّي أرى أَن تَأمر بِجمع الْقُرْآن
فَقَالَ لعمر كَيفَ أفعل شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ عمر هُوَ وَالله خير فَلم يزل يُرَاجع أَبَا بكر فِي ذَلِك إِلَى أَن شرح الله صدر أبي بكر لذَلِك فَأرْسل إِلَى زيد بن ثَابت
فَقَالَا يَا زيد أَنْت رجل شَاب وَأَنت تكْتب الْوَحْي فتتبع الْقُرْآن فاجمعه
قَالَ زيد وَالله لَو كلفاني نقل جبل لنقلته ولكان أَهْون عَليّ مِمَّا أمراني بِهِ من جمع الْقُرْآن
فَقلت لَهما كَيفَ تفعلان شَيْئا لم يَفْعَله رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَا هُوَ خير فَلم يَزَالَا يراجعاني حَتَّى شرح الله صَدْرِي لما شرح الله صدرها