للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا أعجب مَا أجتمع فِيهِ الْفِقْه، والغناء فكتبنا إِلَى إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الموصلى وَكَانَ فِي جواره نَسْأَلهُ أَن يتَحَوَّل إِلَيْنَا. فَكتب إِلَيْنَا جعلت فداكم قد أخذت دَوَاء وَأَنا أخرج مِنْهُ ثمَّ أحمل قويريرتي وأصير إِلَيْكُم وَكتب فِي أَسْفَل كِتَابه: -

(أَنا الشماطيط الَّذِي حدثت بِهِ ... مَتى أنبه للغداء انتبه)

(ثمَّ أنزى حوله واحتبه ... حَتَّى يُقَال شَره وَلست بِهِ)

ثمَّ جَاءَ بعد وَمَعَهُ بديح غُلَامه فتغدينا وشربنا وَكَانَ عندنَا أَحْمد بن يُوسُف وذكاء وصغير فغنى ذوكاء وَهُوَ أَبُو كَامِل صَوتا فأستحسنه إِسْحَاق واستعاده وَهُوَ: -

(أبهار قد هيجت لي لي أوجاعا ... وتركتني عبدا لكم مطواعا)

(بحديثك الْحسن الَّذِي لَو كلمت ... وَحش الفلاة بِهِ لجئن سرَاعًا)

فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق مِمَّن أخذت هَذَا الْغناء. فَقَالَ: من معَاذ بن الطّيب. فَقَالَ: أحب أَن تلقيه على بديح، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ فَلَمَّا صليت الْعَصْر انْصَرف أَبُو كَامِل وَقَالَ أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن يُوسُف يشرب وَعِنْده قوم فَاحْتَاجَ إِلَى أَن أذهب إِلَيْهِ فَانْصَرف وتخلف صَغِير فغنى. فَقَالَ لَهُ إِسْحَاق أَنْت وَالله يَا غُلَام مَا خوري. وسكر مُحَمَّد فِي آخر النَّهَار فغنى: -

(هبوني أَغضّ إِذا مَا بَدَت ... وَأَمْنَع طرفِي فَلَا أنظر)

(فَكيف إستتاري إِذا مَا الدُّمُوع ... نطفن (فبحن) بِمَا أضمر

(فَيَأْمَن سروري بِهِ شقوة ... وَمن صفو عيشي بِهِ أكدر)

فَلَو لم تكن فِي بقيا عَلَيْك ... نظرت لنَفْسي كَمَا تنظر)

فَالْتَفت إِسْحَاق إِلَى مُحَمَّد بن أَيُّوب بن جَعْفَر بن سُلَيْمَان فَقَالَ: يَا عبد اللَّهِ أجرك اللَّهِ فِي ابْن عمك إِذْ قد سكر يغنى قُدَّام إِسْحَاق. نُسْخَة كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمَأْمُون إِلَى أبي الْحُسَيْن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي المحنة

<<  <   >  >>