إِلَى مصر فَانْظُر أَن تعْمل بِمَا يجب لله عَلَيْك وَلَا تراقب أحدا غَيره. قلت: فَإِنِّي أستعين بِاللَّه على مرضاته وأستوفقه لطاعة مولاى ثمَّ نهضت فبثثت أَصْحَاب الْأَخْبَار فِي أَربَاع بَغْدَاد فَرفع إِلَى أَن صَاحب الحرس أَخذ أمْرَأَة مَعَ رجل نَصْرَانِيّ من تجار الكرخ فهجم عَلَيْهِمَا فافتدي النَّصْرَانِي نَفسه بِأَلف دِينَار. قَالَ: فَرفعت الْخَبَر بِهَذَا إِلَى الْمَأْمُون فَدَعَا الْمَأْمُون عبد اللَّهِ بن طَاهِر وَهُوَ بِبَغْدَاد فَقَالَ: انْظُر فِي هَذَا الْخَبَر الَّذِي رَفعه إِبْرَاهِيم بن السندي فقرأه فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رفع إِلَيْك الْبَاطِل والزور وَجعل يغريه بِي ويحمله على وَكَانَ الْمَأْمُون لين المكسر. قَالَ: فأثر ذَلِك فِي قلبه فَبعث إِلَى فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيم. ترفع إِلَى الْكَذِب وتحملني على عمالي. قَالَ: فَكتبت رقْعَة ووجهتها إِلَى فتح غُلَامه ليوصلها إِلَيْهِ وَقلت فِيهَا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَتى وقف صَاحب خبر على مَا وقفت عَلَيْهِ، وَلَو كَانَت الْأَخْبَار لَا تصح إِلَّا بشاهدي عدل مَا صَحَّ خبر وَلَا كتبت بِهِ، وَلَكِن مَجِيء الْأَخْبَار أَن لم يحضرها أَقوام على غير تواطئ وَلَا تشاعر من كَانُوا وَمن حَيْثُ كَانُوا، وأنما يحضر الْأَخْبَار الطِّفْل وَالْمَرْأَة والمحتال والذمر وَابْن السَّبِيل فَإِن كَانَ أحب الْأَمريْنِ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ أَلا نكتب بِخَبَر وَلَا نرفعه حَتَّى يَصح بالعدول وَيصِح بالبراهين فعلت ذَلِك. وعَلى أَن لَا يتهيأ ذَلِك فِي سنة إِلَّا مرّة أَو مرَّتَيْنِ.
قَالَ: فَلَمَّا قَرَأَ الْمَأْمُون الرقعة جَاءَنِي رَسُوله مَعَ طُلُوع الْفجْر فَقَالَ: أجب. فَأَتَيْته بعدان صليت فَدخلت من بَاب الْحمام فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: أطمأن ثمَّ قَامَ وَقد طلعت الشَّمْس فصلى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فيهمَا ثمَّ سلم والتفت إِلَى وَمَا فِي مَجْلِسه أحد ثمَّ قَالَ
يَا إِبْرَاهِيم إِنِّي إِنَّمَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة ليسكن بهرك، ويفرج روعك، وتقوى متنك، وَتمكن فِي قعودك. قَالَ: وَكنت قعدت على ركبتي فَقلت: وَالله. وَالله لَا أَضَع قدر الْخلَافَة وَلَا أَجْلِس إِلَّا جُلُوس العَبْد بَين يَدي مَوْلَاهُ. قَالَ: فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ دون الأولتين ثمَّ سلم وَحمد اللَّهِ وأثني عَلَيْهِ وَقَالَ: هَذِه رقعتك فِي ثني وِسَادَتِي قد قرأتها اللَّيْلَة أَربع مَرَّات وَقد صدقت فِيمَا قلت أَلا أَنِّي آمُر وأداري عمالي وعمالهم مَدَاره الْخَائِف وَالله مَا أجد إِلَى حملهمْ على المحجة الْبَيْضَاء سَبِيلا فأعمل لي على حسب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute