مَا تراني أعمل وَلنْ لَهُم تسلم لَك أيامك، وَبَعض دينك وَفِي حفظ اللَّهِ إِذا شِئْت. قَالَ: فَانْصَرَفت ودعوت أَصْحَاب الْأَخْبَار فَقلت داروا هَؤُلَاءِ الْقَوْم وارفقوا بهم.
وَذكر إِبْرَاهِيم بن السندي قَالَ: وجدنَا رِقَاعًا فِي طرقات بَغْدَاد فِيهَا شتم للسُّلْطَان وَكَلَام قَبِيح فَكرِهت رَفعهَا على جهرتها لما فِيهَا، وكرهت أَن أطوى ذكرهَا وَأَنا صَاحب خبر فينقلها من جِهَة أُخْرَى فيلحقني مَا أكره فَكتبت: إِنَّا أصبْنَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ رِقَاعًا فِيهَا كَلَام السُّفَهَاء والسفلة، وفيهَا تهدد ووعيد، وَبَعضهَا عندنَا مَحْفُوظَة إِلَى أَن يَأْمر أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيهَا بأَمْره. فَكتب إِلَى بِخَطِّهِ: هَذَا أَمر إِن أكبرناه كثر غمنا بِهِ، واتسع علينا خرقه. فَمر أَصْحَاب أخبارك مَتى وجدوا من هَذِه الرّقاع رقْعَة أَن يمزقوها قبل أَن ينْظرُوا فِيهَا فَإِنَّهُم إِذا فعلوا ذَلِك لم ير لَهَا أثر وَلَا عين. قَالَ إِبْرَاهِيم: فَفَعَلْنَا ذَلِك فَكَانَ الْأَمر كَمَا قَالَ.
حَدثنِي عَمْرو بن سُلَيْمَان بن بشير بن مُعَاوِيَة قَالَ: أَخْبرنِي أبي أَن الْمَأْمُون ولي إِبْرَاهِيم بن السندي الْخَبَر بِمَدِينَة السَّلَام، وَعَيَّاش بن الْقَاسِم يتَوَلَّى الجسرين قبل عبد اللَّهِ بن طَاهِر أَيَّام الْمَأْمُون. قَالَ: فَركب إِبْرَاهِيم إِلَى الجسر فِي أول يَوْم تولى فَدَعَا عَيَّاش بِقوم من أهل الجرائم للعرض فَمر بِهِ رجل من الْأَبْنَاء فشتمه وتناوله فَرد الرجل عَلَيْهِ مثل ذَلِك فأختلط عَيَّاش من رده عَلَيْهِ وَشَتمه أقبح الشتم فَرد عَلَيْهِ الرجل أَيْضا مثل ذَلِك فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيم بن السندي: لَيْسَ لَك أَن تشتمه إِنَّمَا لَك أَن تمتثل مَا أمرت بِهِ وَمَا لَك أَن تتعدى ذَلِك إِلَى شَتمه فيلزمك الْحَد لَهُ. فَقَالَ لَهُ عَيَّاش: إِنَّمَا أَنْت صَاحب خبر تكْتب مَا تسمع وَمَا ترى، وَلَيْسَ لَك أَن تَتَكَلَّم فِي مجلسي وأمري وَنهي فَإِن أَمْسَكت وَإِلَّا أمرت من يجر برجلك حَتَّى يَرْمِي بك فِي دجلة. قَالَ: فَقَامَ إِبْرَاهِيم من الْمجْلس مغضبا فَقَالَ لعياش: سأعرفك نبأ مَا تَكَلَّمت بِهِ وَصَارَ من فوره إِلَى دَار أَمِير الْمُؤمنِينَ فَخرج إِلَيْهِ فتح. فَقَالَ لَهُ: مَالك؟ فَقَالَ لَهُ: أَن عَيَّاش ابْن الْقَاسِم فعل كَذَا. وَكَذَا وقص عَلَيْهِ قصَّته إِلَى آخرهَا. فَقَالَ فتح لإِبْرَاهِيم: فتحب أَن أنهى ذَلِك إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: نعم لم أحضر إِلَّا لهَذَا. فَدخل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute