نعم. قَالَ: فَهَل يجب شكر بَعضهم لبَعض عِنْد الْإِحْسَان والْمنَّة، والتفضل؟ قَالَ نعم. قَالَ: فتجئ إِلَى وَأَنا فِي هَذِه الْحَال الَّتِي ترى لي خَاتم فِي الْمشرق جَائِز، وَفِي الْمغرب كَذَلِك وَفِيمَا بَينهمَا أَمْرِي مُطَاع، وَقَوْلِي مَقْبُول، ثمَّ مَا الْتفت يَمِيني وَلَا شمَالي وورائي، وقدامي إِلَّا رَأَيْت نعْمَة لرجل أنعمها على، وَمِنْه ختم بهَا رقبتي، ويدا لائحة بَيْضَاء ابتدأني بهَا تفضلا وكرما فتدعوني إِلَى الْكفْر بِهَذِهِ النِّعْمَة، وَهَذَا الْإِحْسَان وَتقول أغدر بِمن كَانَ أَولا لهَذَا واخرا، وَاسع فِي إِزَالَة خيط عُنُقه وَسَفك دَمه تراني لَو دعوتني إِلَى الْجنَّة عيَانًا من حَيْثُ أعلم أَكَانَ الله يحب أَن أغدر بِهِ، وأكفر إحسانه ومنته، وأنكث بيعَته ... . فَسكت الرجل. فَقَالَ لَهُ عبد اللَّهِ: أما إِنَّه قد بَلغنِي أَمرك وتالله مَا أَخَاف عَلَيْك الا نَفسك فأرحل عَن هَذَا الْبَلَد فَإِن السُّلْطَان الْأَعْظَم إِن بلغه أَمرك وَمَا أَمن ذَلِك عَلَيْك كنت الْجَانِي على ظهرك وَظهر غَيْرك. قَالَ: فَلَمَّا أيس الرجل مِمَّا عِنْده جَاءَ إِلَى الْمَأْمُون فَأخْبرهُ الْخَبَر فَاسْتَبْشَرَ وَقَالَ: ذَاك غرس يَدي، وإلف أدبي. وترب تلقيحي وَلم يظْهر من ذَلِك لأحد شَيْئا ولأعلم بِهِ عبد اللَّهِ أَلا بعد موت الْمَأْمُون.
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: قَالَ عبد اللَّهِ بن طَاهِر وَهُوَ بِمصْر يحاصر لِعبيد اللَّهِ ابْن السّري:
(بكرت تسبل دمعا ... إِذْ رَأَتْ وَشك براحي)
(وتبدلت صقيلا ... ويمينا بوشاحي)
( [وتماديت بسير ... لغدو ورواح] )
(زعمت جهلا بإنى ... تَعب غير مراح)
(أقصري عني فإنى ... سالك قصد فلاحى)
(أَنا لِلْمَأْمُونِ عبد ... مِنْهُ فِي ظلّ جنَاح)
(إِن يعاف اللَّهِ يَوْمًا ... فقريب مستراحي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute