وَنَزِيدُكَ إِيْضَاحَاً وَتَبْصِيْرَاً بِبَعْضِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْهُ: «يَرْوِي عَنْ أَقْوَامٍ ضِعَافٍ أَشْيَاءَ يُدَلِّسُهَا عَنِ الثِّقَاتِ حَتَّى إِذَا سَمِعَهَا الْمُسْتَمِعُ لَمْ يَشُكَّ فِي وَضْعِهَا، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ فِي أَخْبَارِهِ أُلْزِقَتْ بِهِ تَلِكَ الْمَوْضُوعَاتِ» ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَسْبُرْ رِوَايَاتِ الطَّرَائِفِيِّ رُبَّمَا يَسْتَنْكِرُ قَوْلَهُ، وَلا يُدْرِكُ دِلالَتَهُ، وَيَصِفُ ابْنَ حِبَّانَ بِالْعَنَتِ وَالتَّشَدُّدِ. فَهَذِهِ ثُلاثِيَّةٌ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ مِنْ تَعْصِيبِ التُّهْمَةِ بِهِ دُونَ شُيُوخِهِ، لِجَهَالَتِهِمْ وَنَكَارَتِهِمْ:
[١] قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ (٢/٨٥) : أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا تَمِيمُ بْنُ خَرْشَفٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اغْرَوْرَقَتْ عَيْنٌ بِمَائِهَا إِلاَّ حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ جَسَدَ صَاحِبِهَا، فَإِنَّ فَاضَتْ عَلَى جَسَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَرْهَقْ وَجْهَهُ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ، وَمَا مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ وَلَهُ ثَوَابٌ إِلاَّ الدَّمْعَةَ، فَإِنَّهَا تُطْفِئُ بُحُورَ النَّارِ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدَاً بَكَى فِي أُمَّةٍ لَرَحِمَ اللهُ تِلْكَ الأُمَّةَ بِبُكَاءِ ذَلِكَ الْعَبْدِ» .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَتَمِيمُ بْنُ خَرْشَفٍ هَذَا لا أَعْرِفْ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَهُوَ مُنْكَرٌ يَرْوِيهِ عَنْ تَمِيمٍ: عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ. وَسَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: عُثْمَانُ فِينَا كَبَقِيَّةَ فِي أَهْلِ الشَّامِ، بَقِيَّةُ يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ، وَتَمِيمٌ مَجْهُولٌ.
[٢] وَقَالَ (١/١٦٨) : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاجِيَةَ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ ثَنَا عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ الشَّامِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أُطْعِمَ طَعَامٌ عَلَى مَائِدَةٍ، وَلا جُلِسَ عَلَيْهَا، وَفِيهَا اسْمِي إِلاَّ قُدِّسُوا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» .
[٣] وَقَالَ (١/١٦٨) : وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاجِيَةَ الْحَرَّانِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُفَضَّلٍ ثَنَا عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ الشَّامِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ قَطُّ فِي مَشُورَةٍ، فِيهِمْ رَجُلٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ لَمْ يُدْخِلُوهُ فِي مَشُورَتِهِمْ إِلاَّ لَمْ يُبَارَكْ لَهُمْ» .
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ: وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ لَيْسَا مَحْفُوظَيْنِ، وَأَحْمَدُ الشَّامِيُّ هَذَا هُوَ ابْنُ كِنَانَةَ يَرْوِي عَنْهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. وَسَمِعْتُ أَبَا عَرُوبَةَ يَقُولُ: عُثْمَانُ الطَّرَائِفِيُّ يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ، وَهُوَ فِي الْجَزَرِيِّينَ كَبَقِيَّةَ فِي الشَّامِيِّينَ، لأَنَّ بَقِيَّةَ أَيْضَاً يَرْوِي عَنْ مَجْهُولِينَ، وَعِنْدَهُ عَجَائِبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute