مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الأَثَرِ أَنَّ مِنَ الأُمُورِ الْمُسْتَنْكَرَاتِ: تَتَبُّعَ الأَبَاطِيلِ وَالْمَوْضُوعَاتِ، وَتَطَلُّبَ الْغَرِائِبِ وَالْمُنْكَرَاتِ.
وَقَدْ أَفْرَدَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ «الْجَامِعُ لأَخْلاقِ الرَّاوِي» أَبْوَابَاً لِتَقْرِيرِ هَذَا الْمَطْلَبِ وَتَوْكِيدِهِ، مِنْهَا:
بَابُ مَا يَنْبَغِي أَنُ يُصْدَفَ عَنِ الاشْتِغَالِ بِهِ فِي الانْتِقَاءِ
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: يَنْبَغِي لِلْمُنْتَخِبِ أَنْ يَقْصُدَ تَخَيُّرَ الأَسَانِيدِ الْعَالِيَةِ، وَالطُّرُقِ الْوَاضِحَةِ، وَالأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَالرِّوَايَاتِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَلا يُذْهِبُ وَقْتَهُ فِي التُّرْهَاتِ مِنْ تَتَبُّعِ الأَبَاطِيلِ وَالْمَوْضُوعَاتِ، وَتَطَلُّبِ الْغَرِائِبِ وَالْمُنْكَرَاتِ.
وَأَسْنَدَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي قَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمِيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالْجِدَالِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْخَلِيلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْعَمِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: فِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ شُغْلٌ عَنْ سَقِيمِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حِمْيَرٍ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ قَالَ: إِذَا حَمَلْتَ شَاذَّ الْعُلَمَاءِ حَمَلْتَ شَرَّاً كَثِيْرَاً.
وَعَنْ التَّوَّزِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ يَقُولُ: مَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ الْمُهِمِّ أَضَرَّ بِالْمُهِمِّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالْغَرَائِبُ الَّتِي كَرِهَ الْعُلَمَاءُ الاشْتِغَالَ بِهَا، وَقَطْعَ الأَوْقَاتِ فِي طَلَبِهَا إِنَّمَا هِيَ مَا حَكَمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِبُطْلانِهِ، لِكَوْنِ رُوَاتِهِ مِمَّنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ، أَوْ يَدَّعِي السَّمَاعَ. فَأَمَّا مَا اسْتُغْرِبَ لِتَفَرُّدِ رَاوِيهِ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ، فَذَلِكَ يَلْزَمُ كَتْبُهُ، وَيَجِبُ سَمَاعُهُ وَحِفْظُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute