(جدير بتحقيق عَظِيم وريبة ... من الْوَهم عِنْد الْجَزْم من كل عَالم)
وَفِي الْبَيْت الثَّانِي تَنْبِيه للمتكلمين وَغَيرهم على مَا لم يزل الاكابر يقعون فِيهِ من دَعْوَى الْقطع واعتقاده من غير تَحْقِيق فان مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَوْلَا اعْتقد الْقطع بخطإ الْخضر مَا أنكر عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ قطع كثير من عُلَمَاء الْكَلَام على صِحَة أدلتهم الْمُوجبَة لتأويل كَلَام علام الغيوب بل هم دون الكليم المقرب الْوَجِيه الْمَعْصُوم بمسافات لَا تدركها الخواطر وَنسبَة علم الله تَعَالَى إِلَى علم جَمِيع الْعَالمين كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيح مثل مَا أَخذه الطَّائِر من الْبَحْر الزاخر
وَمَا أحسن أدب الْبونِي فِي قَوْله علم الْخَلَائق فِي علم الله مثل لَا شَيْء فِي جنب مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَالْقَصْد أَن من عرف مِنْهُ الْخَطَأ فِي الجليات فَكيف يكون حَاله مَتى خَاضَ فِي هَذِه الخفيات وَترك عِبَارَات الْحق الَّذِي نَص على أَنَّهَا لَا تبدل كَلِمَاته وانه لَا معقب لحكمه وان كِتَابه لَو كَانَ من عِنْد غَيره لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا وانه نور وشفاء وَهدى لَا ريب فِيهِ فَكيف تتْرك عِبَارَات هَذَا المعجز الباهر وتبدل بعبارات من لَا عصمَة لَهُ عَن الْخَطَأ بل عَن القبائح وَالْكفْر أعاذنا الله تَعَالَى مِنْهُ
وَلَقَد تفاحش جهل أَتبَاع الْمُتَكَلِّمين ومقلديهم وغلوا فِي الدَّعَاوَى غلوا لم يسبقهم اليه غلاة قدمائهم وسباق كبرائهم فَهَذَا أَبُو الْقَاسِم الْبَلْخِي الكعبي إِمَام الْمُعْتَزلَة يَقُول فِي حق الْعَامَّة هَنِيئًا لَهُم السَّلامَة هَنِيئًا لَهُم السَّلامَة ذكره فِي كِتَابه المقالات وَقد عد الْعَامَّة فرقة وحدهم فَأصَاب
وصنف مُحَمَّد بن مَنْصُور كتاب الْجُمْلَة والألفة فِي النَّهْي عَن تَكْفِير الْمُخْتَلِفين فِي أصُول الدّين وَهُوَ إِمَام التَّشَيُّع للعترة وَحَتَّى أَقْوَالهم وأفعالهم عَلَيْهِم السَّلَام على ذَلِك وَأَنه مَذْهَب من أدْرك من الْمُعْتَزلَة كالجعفرين