مَا لم تكن تعلم وَكَانَ فضل الله عَلَيْك عَظِيما) فاعترف عَلَيْهِ السَّلَام بقصور عِبَارَته عَن بُلُوغ المرام فِي هَذَا الْمقَام فَكيف سَائِر الانام
(مرام شط مرمي الْوَصْف فِيهِ ... فدون مداه بيد لَا تبيد)
فان قيل كَيفَ السَّبِيل إِلَى الْمَنْع من التَّعْبِير بِغَيْر عبارَة الْكتاب وَالسّنة وَقد وَقع التَّعْبِير فِي هَذَا الْكتاب وَغَيره بذلك قُلْنَا لم نمْنَع ذَلِك مُطلقًا إِنَّمَا منعنَا ذَلِك فِي مهمات الدّين الَّتِي وضحت فِيهَا عِبَارَات الْكتاب وَالسّنة ودلت الادلة على انها منحصرة كَمَا تقدم وَلم تلجيء اليها ضَرُورَة وَلَا اجْتمعت شَرَائِط الْيَقِين فِي مُطَابقَة الْعبارَات عَنْهَا
والنكتة فِي ذَلِك منع مَا يُؤَدِّي إِلَى الِاخْتِلَاف الْمحرم وتمييز مَا يجب قبُوله وَهُوَ عِبَارَات الْقُرْآن وَالسّنة عَمَّا لَا يجب قبُوله على الْجَمِيع وَهُوَ عِبَارَات من لَيْسَ بمعصوم وَلَيْسَ يُخَالف فِي حسن هَذَا الِاخْتِيَار مُمَيّز بعد فهم مَعْنَاهُ وَالْمَقْصُود بِهِ وَقد يجمع بَين عبارَة الْكتاب وَالسّنة وَعبارَة أهل المعقولات إِذا كَانَ مَعْنَاهُمَا وَاحِدًا جليا لَا يُؤَدِّي إِلَى مفْسدَة وَلَا إِلَى اخْتِلَاف وَلَكِن ليَكُون الْجمع بَينهمَا أظهر فِي وضوح الْمَعْنى وتجليه لاهل الْعُلُوم المعقولات والمنقولات جَمِيعًا وآنس لَهُم حَيْثُ اجْتمعت عباراتهم على معنى متداول مُتَّفق عَلَيْهِ بَين أهل المعارف من أَئِمَّة الْفُنُون كلهَا كَمَا نذكرهُ فِي مَسْأَلَة الارادة من التَّعْبِير عَن حِكْمَة الله تَعَالَى فِي الْمُتَشَابه لغَرَض الْعرض تَارَة وبالمراد الأول تَارَة وبالخير الْمَحْض تَارَة وبالغايات الحميدة تَارَة وَتَأْويل الْمُتَشَابه والداعي وَالْحكمَة وداعي الْحِكْمَة وأمثال ذَلِك وَالله الْهَادِي
فَهَذَا الْكَلَام انسحب على من التهى عَن ترك عِبَارَات الْكتاب وَالسّنة وَتَوَلَّى من لم يعْصم للتعبير عَنْهُمَا وَمَا يجر ذَلِك من الْخَطَأ وتوسيع دَائِرَة الِاخْتِلَاف الْمحرم وان ذَلِك أدّى إِلَى غموض الْحق وخفائه وَزَاد الْحق غموضا وخفاء أَمْرَانِ
أَحدهمَا خوف العارفين مَعَ قلتهم من عُلَمَاء السوء وسلاطين الْجور وشياطين الْخلق مَعَ جَوَاز التقية عِنْد ذَلِك بِنَصّ الْقُرْآن واجماع أهل الاسلام وَمَا زَالَ الْخَوْف مَانِعا من اظهار الْحق وَلَا برح المحق عدوا لاكثر الْخلق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute