البلاغة للزمخشري فانه جود القَوْل فِيهِ بل لَا أعلم أحدا بَين ذَلِك كَمَا بَينه وَلذَلِك قيل انه من روائع مصنفاته وبدائع مخترعاته فاذا عرفت حَقِيقَة الْكَلِمَة ومجازها لم يُفَسر فيهمَا مَعًا أَيْضا
وَثَالِثهَا الْفرق بَين دلَالَة الْمُطَابقَة والتضمن والالتزام فالمطابقة هِيَ اللُّغَوِيَّة دونهمَا وَهِي دلَالَة اللَّفْظ على مَعْنَاهُ الْمَوْضُوع لَهُ كدلالة غسل أَعْضَاء الْوضُوء عَلَيْهَا جملَة وان دلّ اللَّفْظ على جُزْء الْمَعْنى فَهُوَ التضمن كدلالة آيَة الْوضُوء على غسل الْعين لانها بعض الْوَجْه وَمَا تَحت الاظفار والخاتم لانه بعض الْيَد وان دلّ اللَّفْظ على لَازم مَا وضع لَهُ فدلالة الِالْتِزَام كدلالة آيَة الْوضُوء على وُجُوبه وهما عقليتان فَيقدم عَلَيْهِمَا مَا عارضهما مِمَّا هُوَ أرجح مِنْهُمَا من الدَّلَائِل اللفظية على حسب الْقُوَّة أَلا تراهم رجحوا دَلَائِل رفع السِّرّ والحرج على دلَالَة غسل الْعين من الْوَجْه وَكَذَلِكَ اخْتلفُوا فِيمَا تَحت الاظفار والخاتم لذَلِك
النَّوْع السَّادِس الْمجَازِي وَتعْتَبر فِيهِ قَرَائِن الْمجَاز الثَّلَاث الموجبات للعدول اليه وَلَا حرم القَوْل بِهِ والعدول اليه الاولى الْعَقْلِيَّة الَّتِي يعرفهَا الْمُخَاطب والمخاطب كَقَوْلِه {واسأل الْقرْيَة الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعير الَّتِي أَقبلنَا فِيهَا} أَي أهملهما وَمِنْه {جنَاح الذل} و {جدارا يُرِيد أَن ينْقض} وَهُوَ كثير وَلَيْسَ هُوَ من الْمُتَشَابه بل تعرفه أجلاف الْعَرَب الثَّانِيَة الْعُرْفِيَّة مثل {يَا هامان ابْن لي صرحا} أَي مر من يَبْنِي لَان مثله فِي الْعرف لَا يَبْنِي الثَّالِثَة اللفظية نَحْو {مثل نوره} فانها دَلِيل على أَن الله غير النُّور {يهدي الله لنوره من يَشَاء} فانها دَلِيل على أَن المُرَاد نور الْهدى ويتيقظ هُنَا لما كَانَ من جنس تَأْوِيل الباطنية فَيرد وان صدر من غَيرهم فقد كثر جدا
وَأما الدَّعْوَى الْبَاطِلَة تجردها عَن أحد هَذِه الْقَرَائِن وَأما مَا يَدعِيهِ أهل الْكَلَام من الادلة الَّتِي لم يتفقوا على صِحَة دَلِيل وَاحِد مِنْهَا فَلَا يجوز