للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِيهِ وَلذَلِك نَص عَلَيْهِ كثير من أَئِمَّة الْآثَار بل من عُلَمَاء الْكَلَام الَّذين رُبمَا اتهمهم خصومهم أَنهم من نفاة الْحِكْمَة

وَأَنا أورد من ذَلِك الْيَسِير على قدر هَذَا الْمُخْتَصر فَمن ذَلِك أَن ابْن الْحَاجِب جزم فِي كِتَابه مُخْتَصر مُنْتَهى السؤل والامل باجماع الْفُقَهَاء على أَن أَفعَال الله تَعَالَى فِي الشَّرَائِع معللة ذكره فِي دَلِيل الْعَمَل بالسير وَتَخْرِيج المناط من الْقيَاس وَذكر فِي مسالك الْعلَّة أَنَّهَا صَرِيح وتنبيه وإيماء فالصريح مثل لعِلَّة كَذَا أَو بِسَبَب أَو لاجل أَو لكَي أَو اذن أَو مثل لكذا أَو ان كَانَ كَذَا أَو بِكَذَا أَو مثل فانهم يحشرون أَو فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا وَمثل سَهَا فَسجدَ ثمَّ ذكر أَقسَام التَّنْبِيه والايماء بعد ذَلِك وَجَمِيع الاشعرية يتابعونه على ذَلِك فِي أصُول الْفِقْه كالرازي فِي الْمَحْصُول وَالْغَزالِيّ فِي الْمُسْتَصْفى وَجَمِيع من أثبت الْقيَاس فِي الْفُرُوع وَكَذَلِكَ شرَّاح كِتَابه مِنْهُم وَمن غَيرهم مَعَ كثرتهم وَأَكْثَرهم أشعرية قرروا ذَلِك وَلم يعترضوه وَقد قيل أَنه شرح بسبعين شرحا

وَأما قَول عضد الدّين فِي شَرحه وجوبا عِنْد الْمُعْتَزلَة وتفضلا عِنْد غَيرهم فانما أَرَادَ ارسال الرُّسُل لَا تَعْلِيل الاحكام الشَّرْعِيَّة وَإِلَّا بَطل الْقيَاس وَلِأَن هَذَا النَّقْل عَن الْمُعْتَزلَة وَغَيرهم بَاطِل فِي تَعْلِيل الاحكام الشَّرْعِيَّة وَكَذَلِكَ ذكر الْحَافِظ أسعد بن عَليّ الْمَعْرُوف بالزنجاني أَن ذَلِك مَذْهَب أهل السّنة وَهُوَ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة ذكره فِي شرح قصيدته الشهيرة فِي الْحَث على السّنة وَهِي الَّتِي أَولهَا (تمسك بِحَبل الله وَاتبع الْخَبَر) وَذكر الذَّهَبِيّ فِي تَرْجَمَة عِكْرِمَة من الْمِيزَان مَا يدل على ذَلِك وَكَذَلِكَ الامام الْخطابِيّ والعلامة الدَّمِيرِيّ من أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة وَأهل السّنة ذكرا حِكْمَة الله تَعَالَى فِي خلق الدَّاء والدواء فِي جناحي الذُّبَاب والهامة تَقْدِيم مَا فِيهِ الدَّاء وَتَأْخِير مَا فِيهِ الدَّوَاء ردا على من من طعن فِي الحَدِيث بذلك ونصا على أَن لله حِكْمَة فِي كل شَيْء وطولا فِي ذَلِك ذكره الدَّمِيرِيّ فِي كِتَابه حَيَاة الْحَيَوَان فِي ذكر الذُّبَاب من حرف الذَّال

وَشرح ابْن الْأَثِير الْحَكِيم بالحاكم وبذى الْحِكْمَة مَعًا وَلم يُنكر تَفْسِيره بِذِي الْحِكْمَة ويجعله من الْبدع وَفسّر الْحِكْمَة بِمَعْرِِفَة أفضل الْأَشْيَاء بِأَفْضَل الْعُلُوم فَجعل الاشياء متفاضلة فِي أَنْفسهَا وَالْحكمَة معرفَة ذَلِك وَهَذَا هُوَ المُرَاد وَإِذا كَانَ للاسم الشريف مَعْنيانِ صَحِيحَانِ مشتملان على الْحَمد

<<  <   >  >>