للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الْعَظِيم وَغَيره فِي تقبيح هَذِه الامور وتحسينها وَلَو كَانَ يقبل مثل ذَلِك الِاعْتِرَاض على الْعِلَل السمعية وَالْحكم الالهية لَو رد على قَوْله تَعَالَى {إِن الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ بِأَن لَهُم الْجنَّة} وَقيل أما كَانَ فِي قدرَة رب الْعَالمين أَن يدخلهم الْجنَّة عوضا عَن بذلهم أنفسهم وَأَمْوَالهمْ الحقيرة مَعَ انها من مبادي مواهبه وَلَو كَانَ هَذَا من الْعلم الْمَحْمُود لسبق اليه السّلف الَّذين هم خير أمة أخرجت للنَّاس رَضِي الله عَنْهُم

وَمن ذَلِك احْتَجُّوا بقوله تَعَالَى {لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون}

وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن أَحدهمَا ان هَذِه الْآيَة فِي اثبات عزة الله تَعَالَى وَهِي كلمة اجماع بَين الْمُسلمين وَالله أعز من أَن يسئل وَلَيْسَ ذَلِك يَقْتَضِي أَنه غير حَكِيم فقد تمدح بِالْعِزَّةِ بل تمدح بسؤاله وعده الصَّادِق لِلْمُتقين حَيْثُ قَالَ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابه الْمُبين {قل أذلك خير أم جنَّة الْخلد الَّتِي وعد المتقون كَانَت لَهُم جَزَاء ومصيرا لَهُم فِيهَا مَا يشاؤون خَالِدين كَانَ على رَبك وَعدا مسؤولا} فَوَجَبَ الايمان بهما مَعًا فَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم كَمَا جَمعهمَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كثيرا فِي التمدح بهما معافي غير مَوضِع وَاحِد وَذَلِكَ اشارة الى انهما اخوان لَا يفترقان لَا ضدان لَا يَجْتَمِعَانِ وَلذَلِك بوب البُخَارِيّ عَلَيْهِمَا مجموعين بَابا فِي كتاب التَّوْحِيد من صَحِيحه وَثَانِيهمَا أَن هَذِه الْآيَة فِي الدّلَالَة على بطلَان الشُّرَكَاء الَّذين عبدهم الْمُشْركُونَ وَالْمرَاد انهم يسئلون يَوْم الْقِيَامَة عَن ذنوبهم ويعذبون عَلَيْهَا كَقَوْلِه {وَلَقَد علمت الْجنَّة إِنَّهُم لمحضرون} وَمن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ مربوب لَا رب وانما الرب الْحق الَّذِي يسْأَل عباده يَوْم الْقِيَامَة فَيغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء لَا من يخَاف الْعَذَاب وَيُحَاسب أَشد الْحساب وَسِيَاق الْآيَة من أَولهَا وَاضح فِي ذَلِك فالاحتجاج بهَا على نفي الْحِكْمَة غَفلَة عَظِيمَة وانما هِيَ لنفي شريك مغالب يلْزم اظهار الْحِكْمَة ويعاقب على ترك الْبَيَان لَهَا وَنَحْو ذَلِك وَقد أَمر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان يسْأَله الزِّيَادَة من الْعلم وَلم يعلم مُوسَى

<<  <   >  >>