وَلَا مُسلم مِنْهَا شَيْئا عَاما وَإِنَّمَا خرجا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي قصَّة يَمِين سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام وَهِي خَاصَّة بِتِلْكَ الْوَاقِعَة وَلذَلِك اخْتَرْت فِي الْعبارَة فِي الِاعْتِقَاد مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا شَاءَ لم يكن ومعناهما مَا شَاءَ أَن يكون كَانَ وَمَا شَاءَ أَن لَا يكون لم يكن وَهَذَا مَعْلُوم من السّمع وَفِيه مَا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل بِالْإِكْرَاهِ دون غَيره كَقَوْلِه تَعَالَى {لمن شَاءَ مِنْكُم أَن يَسْتَقِيم وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله رب الْعَالمين} وَقَوله تَعَالَى جَوَابا على من قَالَ ارجعنا نعمل صَالحا {وَلَو شِئْنَا لآتينا كل نفس هداها وَلَكِن حق القَوْل مني لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} وَغَيرهمَا مِمَّا ذكره يطول
وَقد أوضحت الْوَجْه فِي امْتنَاع تأويلهم لهَذِهِ الْآيَات بِمَشِيئَة القسر والالجاء فِي كتاب العواصم وَهُوَ لَا يخفى على النبيه إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالْعقل يعضد السّمع فِي قدرَة الله تَعَالَى على ذَلِك كَمَا أوضحته هُنَالك وَقد رجعت اليه الْمُعْتَزلَة كَمَا سَيَأْتِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَيْثُ نبين أَن الْأمة رجعت إِلَى الاجماع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الْعُظْمَى بعد إِيهَام الِاخْتِلَاف الشَّديد وَهُوَ اخْتِيَار الامام الْمُؤَيد بِاللَّه يحيى بن حَمْزَة عَلَيْهِ السَّلَام أَعنِي قدرَة الله على اللطف بالعصاة وَأَنه غير وَاجِب عَلَيْهِ فَتبقى الْآيَات فِي التمدح بذلك على ظَاهرهَا ذكره الامام فِي كتاب التَّمْهِيد فِي أَوَائِل الْبَاب السَّابِع فِي النبوات وَاحْتج عَلَيْهِ وَهُوَ قَول الامام النَّاصِر مُحَمَّد ابْن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام وَهُوَ قَول قدماء العترة كَمَا ذكره صَاحب الْجَامِع الْكَافِي ويعتضد بِوَجْهَيْنِ أَحدهمَا قَوْله تَعَالَى {فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لخلق الله} وَحَدِيث كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة وَمذهب الْمُعْتَزلَة مَبْنِيّ على أَن اللطف إِنَّمَا تعذر فِي حَقهم لِأَن الله بناهم بنية لَا تقبل اللطف وَثَانِيهمَا أَن تَجْوِيز خلق الله لَهُم على هَذِه البنية يُنَاقض إيجابهم اللطف بل يجوز فعل الْمَفَاسِد
وَأما قَوْله تَعَالَى {وَلَو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم وَلَو أسمعهم لتولوا وهم معرضون} فَالْجَوَاب عَن الِاحْتِجَاج بهَا على مَذْهَبهم من وُجُوه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute