للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأول خلق الله تَعَالَى الاشقياء لعبادته بِالنّظرِ إِلَى أوامره اجماعا ونصا وبالنظر الى محبته للخير من حَيْثُ هُوَ خير على الصَّحِيح كَمَا مر فِي اثبات الْحِكْمَة وَقد أوضحت هَذَا فِي العواصم فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور أهل السّنة فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر} وَقَوله تَعَالَى {وَالله لَا يحب الْفساد} فانهم أقروهما وَفرقُوا بَين الرضى والمحبة وَمعنى الارادة والمشيئة وَلذَلِك قَالَ السُّبْكِيّ فِي جمع الْجَوَامِع فِي آخِره فِي الِاعْتِقَاد مَا لَفظه والمحبة غير الْمَشِيئَة والارادة فَلَا يرضى لِعِبَادِهِ الْكفْر وَلَو شَاءَ رَبك مَا فَعَلُوهُ وَلم يحك خلافًا لشذوذه عِنْده وَمن لم يبْحَث حوافل أهل السّنة يظنّ ان هَذَا يُخَالف قواعدهم

الثَّانِي الِابْتِلَاء بِالنّظرِ الى عدله وحجته كَمَا يظْهر من قَوْله تَعَالَى {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا} كَمَا مر فِي الْحِكْمَة فِي الْعَمَل مَعَ الْقدر

الثَّالِث لما يُوجب عَلَيْهِم شكره من احسانه اليهم بعظيم نعمه وسوابع مواهبه بِالنّظرِ الى تكليفهم شكر نعْمَته وَقد ذكر غير وَاحِد من الائمة الأذكياء ان فرار الْحَيَوَانَات من الْمَوْت وحرصها على الْحَيَاة من أعظم الْأَدِلَّة على عظم النِّعْمَة بهَا وعَلى وجوب الشُّكْر عَلَيْهَا ثمَّ نعْمَة الْعَافِيَة والتمكين من الْخَيْر والمعارف باكمال الْعُقُول والاسماع والابصار وَالْأَيْدِي والبنية السوية الصَّحِيحَة والانفاس والارزاق الْجَارِيَة

الرَّابِع لما شَاءَ بِالنّظرِ الى عزة ملكه وعظيم سُلْطَانه وقاهر قدرته

الْخَامِس لما لم يحط بِجَمِيعِهِ الا هُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالنّظرِ الى وَاسع علمه وَرَحمته

السَّادِس للعذاب الْمُسْتَحق بِكفْر نعْمَته وَجحد حجَّته بِالنّظرِ الى علمه واختياره وَقدرته وقضائه وكتابته

<<  <   >  >>