للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السَّابِع الْحِكْمَة المرجحة فيهم بعقابه على عَفوه وعدله على فَضله الراجعة بعدله الى فَضله الَّتِي هِيَ تَأْوِيل المشابه وَهُوَ الْخَيْر الْمَقْصُود بِمَا ظهر للعقلاء من ارادة وُقُوع مَا قبلهَا من الْمُتَشَابه وَهُوَ الشرور الَّتِي لَا يعلم فِيهَا خير ان سلم وُقُوع ذَلِك

وَهَذَا النَّوْع السَّابِع هُوَ بِالنّظرِ الى خَفِي حكمته مُنْتَهى مُتَعَلق ارادته ومشيئته الَّذِي هُوَ المُرَاد الاول وَهُوَ تَأْوِيل الْمُتَشَابه الَّذِي لَا يُعلمهُ الا هُوَ على الْمُخْتَار كَمَا سبق بَيَانه وَدَلِيله فِي مُقَدمَات هَذَا الْمُخْتَصر

وزادت الْمُعْتَزلَة على هَذِه الامور السَّبْعَة ثَلَاثَة انْفَرَدت بهَا دون أهل السّنة

أَحدهَا تَعْرِيض الاشقياء لدرك ثَوَابه الْعَظِيم وَسُكُون جنَّات النَّعيم فان التَّعْرِيض لذَلِك نعْمَة وان لم يقبلوها كَمَا ورد فِي حَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة كل أمتِي يدْخلُونَ الْجنَّة الا من أبي قَالُوا وَمن يَأْبَى ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ من عَصَانِي فقد أَبى

وَثَانِيها ارادة وُقُوع الطَّاعَة مِنْهُم لظَاهِر قَوْله تَعَالَى (وَمَا خلقت الْجِنّ والانس الا ليعبدون) ومنعت هذَيْن الاشعرية وَغَيرهم كَمَا تقدم

وَثَالِثهَا مصلحَة الْخَوْف لَان الْعُقَلَاء اذا علمُوا ان الله مَا يخلق الا سعيدا غير معذب تجرؤا على الْفساد والفسوق ذكرته البغدادية مِنْهُم وَمَا هُوَ بالضعيف وَلَا بالمخالف للقواعد فقد نَص الله تَعَالَى على أَن بسط الرزق مفْسدَة للعباد فَكيف يرفع الْخَوْف والامان من التَّبعَات فِي الدَّاريْنِ كَذَلِك نَص على أَنه تَخْصِيص الْكَافرين بالتوسيع الْكثير فِي الْغنى مفْسدَة وانه انما تَركه لذَلِك كَمَا فِي سُورَة الزخرف وَلذَلِك قَالَ {وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء} فابهم المغفور لَهُ ليبقى الْخَوْف وَكَذَلِكَ قَالَ فِي حق الْكفَّار أَيْضا فِي التَّوْفِيق للتَّوْبَة فِي الدُّنْيَا {لَا تعتذروا قد كَفرْتُمْ بعد إيمَانكُمْ إِن نعف عَن طَائِفَة مِنْكُم نعذب طَائِفَة بِأَنَّهُم كَانُوا مجرمين} فَلم يقنطهم الْجَمِيع وَلم يؤمنهم لانهما جَمِيعًا مفسدتان وتركهم فِي مَحل الْخَوْف والرجاء لانهما جنَاحا الدَّوَاعِي الناهضة للعباد الى طَاعَة رَبهم وفيهَا الْحجَّة الدامغة لمن عصى

<<  <   >  >>