للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

معرفَة الارادة وأقسامها وَمَعْرِفَة الاسباب والمسببات وَالْفرق بَين الْأَسْبَاب المؤثرة المولدة وَغَيرهمَا

فمدار الْخلاف وَأَصله فِي أَن الافعال هَل هِيَ ذَوَات أَو صِفَات أَو أَحْوَال أَو مَجْمُوع أَمريْن من ذَلِك أَو أَمر رَابِع غير ذَلِك أَو أَسبَاب فَقَط مُؤثرَة كَالْقَتْلِ أَو غير مُؤثرَة كالارادة وَهِي أَسبَاب ومسببات أَو متعدية أَو لَازِمَة أَو هِيَ تسمى مخلوقة أَولا وَإِذا كَانَت تسمى بذلك فَمن الْخَالِق لَهَا وَهل يَصح مَقْدُور بَين قَادِرين أَو هُوَ محَال وَإِذا كَانَ يَصح فَهَل أَفعَال الْعباد مِنْهُ أَو لَا وَإِذا كَانَت مِنْهُ فَهَل أحد الْفِعْلَيْنِ المقدورين متميز عَن الآخر فِي أَفعَال الْعباد وكسبهم مَعَ خلق الله تَعَالَى بِالذَّاتِ أَو بالوجود وَهل يَصح حَادث لَا مُحدث لَهُ أم لَا وَإِذا صَحَّ هَل الْمَوْصُوف بذلك أَفعَال الْعباد كلهَا غير الارادة أم المتولدات فَقَط أم جَمِيع أَفعَال الْعباد من غير اسْتثِْنَاء وَإِذا كَانَت ذَوَات فَمَا هِيَ هَل هِيَ حركات كلهَا أَو أكون مُخْتَلفَة وَإِن كَانَت صِفَات فَهَل هِيَ حَقِيقِيَّة أَو اضافية وَهل الْقُدْرَة مُتَقَدّمَة أَو مُقَارنَة وَتصْلح للضدين أم لَا

وَالْقَصْد بذكرها معرفَة الْبِدْعَة مِنْهَا وَمَعْرِفَة بُطْلَانهَا وَذَلِكَ لَا يَصح مِمَّن لم يعرف حقائق مقاصدهم وَمن لم يرسخ فِي علم اللَّطِيف لم يعرف ذَلِك وَمن لم يعرف ذَلِك كَيفَ يتَمَكَّن من معرفَة أَن هَذَا القَوْل كفر أَو غير كفر وَهُوَ لم يتَحَقَّق مَاهِيَّة القَوْل وَمَعْنَاهُ

القَوْل فِي بَيَان أَن مُرَاد من قَالَ أَن أَفعَال الْعباد مخلوقة لله تَعَالَى وانها مَعَ ذَلِك وَاقعَة على اخْتِيَار الْعباد جملَة ثمَّ بَيَان اخْتلَافهمْ فِي الْقدر الْمَخْلُوق مِنْهَا وَفِي تَفْسِير الْخلق وَبَيَان الاحوط فِي هَذِه الْمَسْأَلَة

أما مُرَادهم الاول الَّذِي اتَّفقُوا عَلَيْهِ جملَة فَهُوَ الايمان بِمُقْتَضى مَا تقدم فِي مَسْأَلَة الْمَشِيئَة من الْآيَات وَالْأَحَادِيث المصرحة بِأَن مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا شَاءَ أَن لَا يكون لم يكن وَإنَّهُ لَو شَاءَ مَا عصى وَإنَّهُ يهدي من يَشَاء باللطف وَالِاخْتِيَار

ثمَّ أَنه تعَارض عِنْد هَؤُلَاءِ السّمع فِي نِسْبَة كسب الافعال إِلَى الْعباد

<<  <   >  >>