فَأَما الجبرية فتركوا الْجمع بَين الظَّوَاهِر وركبوا اللجاج الشَّديد والعناد الْبعيد وجحدوا الضرورات الْعَقْلِيَّة والبينات السمعية وَأجْمع أهل السّنة وَأهل الْكَلَام من الشِّيعَة والأشعرية والمعتزلة على ضلالهم وَالرَّدّ لقَولهم لأَنهم نفوا مَشِيئَة العَبْد وَالله تَعَالَى لم ينفها مُطلقًا لَكِن جعلهَا بعد مَشِيئَته فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا تشاؤون إِلَّا أَن يَشَاء الله} والجبرية نفوها واطرحوا قَوْله إِلَّا أَن يَشَاء الله وَكَذَلِكَ قَوْلنَا مَا شَاءَ الله كَانَ يَقْتَضِي ذَلِك لِأَنَّهُ قد شَاءَ وَكَذَلِكَ نفوا أَن يكون المكلفون مختارين غير مجبورين فَكَانَ مَا شَاءَ من اختيارهم
وَأما الأشعرية فراموا الْجمع بَين هَذِه المتعارضات بِنِسْبَة الْفِعْل إِلَى الله تَعَالَى من وَجه وَإِلَى الْعباد من وَجه آخر كالمفسرين بذلك لما ورد السّمع بِهِ وَمن ذَلِك التَّعَارُض الْمُتَقَدّم وَأَمْثَاله مثل قَوْله تَعَالَى {إِنَّه من عبادنَا المخلصين}