للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

السَّبَب بِالنّظرِ الى المسببات الَّتِي هِيَ غير مقدورة لنا كالمداد وَنَحْوه وَقد يكون عمله قبيحا كالمغصوب وَعَمله للظلمة وَسَيَأْتِي الْفرق بَين قَول هَؤُلَاءِ وَبَين قَول الاشعرية الكسبية فِي آخر الْمَذْهَب الثَّالِث من القَوْل الثَّانِي بعد هَذَا

وَهَذَا القَوْل على انه أقل أَفْوَاههم تكلفا لم يَصح فِيهِ نَص من كتاب وَلَا سنة وَلَا اجماع الصَّحَابَة وَلَا قَول وَاحِد مِنْهُم وَقد ادّعى فِيهِ اجماع الْمُتَأَخِّرين وَذَلِكَ أبعد فقد خالفهم أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ امام الْحَرَمَيْنِ وَأَصْحَابه وَالشَّيْخ أَبُو اسحاق وَكِلَاهُمَا من أجل ائمتهم فَكيف غَيرهم وَسَيَأْتِي كَلَام ابْن الْحَاجِب الدَّال على تفرد الاشعري بذلك وعَلى انه أول من قَالَ بِهِ فَلَا يسلم هَذَا الْمَذْهَب من تَسْمِيَته بِدعَة لانه لَا معنى للبدعة الا مَا حدث من العقائد بعد الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَلم يَصح عَنْهُم فِيهِ نَص

وَأما الِاسْتِنَاد الى العمومات وَنَحْوهَا فَلَا يَكْفِي فِي ثُبُوت السّنَن والا لاكتفت الْمُعْتَزلَة بقوله {خَالق كل شَيْء} على ان الْقُرْآن مَخْلُوق وان القَوْل بذلك سنة فَافْهَم هَذِه النُّكْتَة فانها نفيسة جدا فان السّنة مَا اشْتهر عَن السّلف وَصَحَّ بطرِيق النصوصية وَلَوْلَا هَذَا لكَانَتْ الْبدع كلهَا من السّنَن لانه مَا من بِدعَة الا ولأهلها شبه من العمومات والمحتملات والاستخراجات الا ترى أَن الاتحادية أبعد المبتدعة من السّنة واشنعهم بِدعَة وافحشهم مقَالا وهم مَعَ ذَلِك يحتجون بقوله تَعَالَى {إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله} وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} وَبقول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان أصدق كلمة قَالَهَا لبيد الشَّاعِر أَلا كل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل مُتَّفق على صِحَّته وَنَحْو ذَلِك كثير وَلَو كَانَ فِي اعْتِقَاد خلق الافعال خير مَا سكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَأَصْحَابه ولاسبقهم الْمُتَأَخّرُونَ الى اشاعته والزام الْمُسلمين باعتقاده وتعريفهم بِوُجُوبِهِ وَكَانَ معدودا فِي أَرْكَان الدّين والاسلام المعدودة المنصوصة وَالله يحب الانصاف وَسَيَأْتِي بَقِيَّة ادلتهم وَالْجَوَاب عَنْهَا قَرِيبا ان شَاءَ الله تَعَالَى

<<  <   >  >>