بالجراح والتغريق وَالتَّحْرِيق وَمثل السحر وآثاره وَلذَلِك احْتج الشهرستاني وَغَيره بِهَذِهِ الصُّورَة على الْمُعْتَزلَة حِين أَنْكَرُوا مَقْدُورًا بَين قَادِرين مَعَ اخْتِلَاف الْوُجُوه على أَنه لَا يَصح عَنْهُم انكار مثل ذَلِك وَمَعَ نزُول الْآيَة فِي هَذَا بالاجماع كَمَا ذكره ابْن كثير بل كَمَا هُوَ مَعْلُوم فَلَا وَجه للْقطع بتعديتها بل لَا يَصح ظُهُور ذَلِك على جِهَة الظَّن لما فِي عُمُوم مَا من الْخلاف وَلما فِي تَعديَة الْعُمُوم على غير مَا نزل فِيهِ من ذَلِك وَلما فِي خلاف ذَلِك من المرجحات وَلذَلِك وَأَمْثَاله لم تكن الْآيَة نصا وَلَا ظَاهرا بَين الظُّهُور فِي هَذِه الْمَسْأَلَة
الْوَجْه السَّابِع أَن النَّص على أَن أَعْمَالهم مخلوقة لله تَعَالَى يُنَافِي توبيخهم عَلَيْهَا والاستنكار الشَّديد لصدورها عَنْهُم لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون ورد على مثل الشهرستاني والباقلاني من أَئِمَّة الأشعرية الَّذِي عرفُوا الْكَلَام فِي اللَّطِيف واعتقدوا صِحَة مَقْدُور بَين قَادِرين وَأَن أَفعَال الْعباد لَا تنْسب اليهم وحدهم لنُقْصَان قدرتهم عَن الِاسْتِقْلَال وَلَا إِلَى الله وَحده لكَمَال حجَّته عَلَيْهِم وقدسه عَن نقائصهم فَهَؤُلَاءِ لَو ورد عَلَيْهِم النَّص على خلق الاعمال لم يشكل عَلَيْهِم ظَاهره وَلَكِن يكون ذكره فِي هَذَا الْموضع غير مُنَاسِب للبلاغة لِأَن الْكَلَام البليغ لابد أَن يُنَاسب مُقْتَضى الْحَال وَمُقْتَضى الْحَال هُنَا زِيَادَة التقبيح والتوبيخ وَهُوَ لَا يزِيد على هَذَا التَّقْدِير وَلَكِن هَذَا التَّقْدِير مَعْلُوم الْبطلَان عِنْد الْجَمِيع واما أَن يكون الْخطاب بِهَذَا النَّص على خلق الاعمال ورد على أَجْهَل الْعَوام الطغام الَّذين عبدُوا لشدَّة غباوتهم الاصنام فانهم إِذا خوطبوا بِأَن أَعْمَالهم مخلوقة لله تَعَالَى لَا يسْبق إِلَى أفهامهم إِلَّا أَنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُسْتَقل بهَا غير مشارك فِيهَا وَحِينَئِذٍ ينقص ذَلِك التقبيح أَو يبطل أَو يتناقض الْكَلَام وينفتح بَاب الِاعْتِرَاض على الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام حِينَئِذٍ لاعدائه وَيرْفَع الشَّيْطَان رَأسه إِلَى الهامهم الزام الِاحْتِجَاج على الرُّسُل بِالْقدرِ وافحامهم بذلك كَمَا حكى الله تَعَالَى ذَلِك عَنْهُم فِي غير آيَة وكل عَاقل يُرِيد افحام خَصمه أَو ارشاده لَا يُورد عِنْد جداله أعظم شبه الْخصم فِي حَال الصولة عَلَيْهِ بِالْحجَّةِ القاطعة فَلم يكن الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام يلقنهم فِي هَذِه الْحَال أعظم شبههم الَّتِي ضل بهَا كثير من الْمُسلمين بعد الاسلام ودق النّظر عَن جوابها على كثير من الْعلمَاء الاعلام مَعَ مَا أُوتِيَ الْخَلِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute