للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَقد بَين الْحلِيّ المعتزلي الشيعي فِي مُخْتَصر الْمُنْتَهى أَن ذَلِك هُوَ الَّذِي جوزه الْغَزالِيّ وَابْن الْحَاجِب لَا الْمحَال لنَفسِهِ قلت بل ذَلِك جَائِز عِنْد الْمُعْتَزلَة وَجَمِيع الْمُسلمين أَجْمَعِينَ إِلَّا من زعم أَن الله تَعَالَى لَا يعلم الْغَيْب مِمَّن يَدعِي الاسلام من الغلاة فِي نفي الْقدر وَقد بَين ذَلِك الْعَلامَة ابْن أبي الْحَدِيد فِي شرح نهج البلاغة فِي شرح قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام اقْتُلُوهُ وَلنْ تقتلوه فَكيف أوهم الْغَزالِيّ فِي الاحياء أَنه يجوز التَّكْلِيف بالمحال مُطلقًا وأوهم أَن ذَلِك وَقع

وَقد قَالَ السُّبْكِيّ فِي جمع الْجَوَامِع وَالْحق وُقُوع الْمُمْتَنع بِالْغَيْر لَا بِالذَّاتِ وتسميتهم لهَذَا الْجِنْس بالممتنع من قبيل الْمجَاز وَهُوَ مِمَّا لَا يجوز إِلَّا مَعَ الْبَيَان لِأَن الْعلم غير مَانع بِنَفسِهِ عِنْد جَمِيع الْمُحَقِّقين

وَقد نَص الشهرستاني من كبار الأشعرية على أَن الْعلم غير مُؤثر بالاجماع وَصحح ذَلِك غير وَاحِد مِنْهُم دع عَنْك الْمُعْتَزلَة وَاحْتج الْجُوَيْنِيّ على ذَلِك بِأَنَّهُ لَو كَانَ الْعلم يُؤثر فِي الْمَعْلُوم لما تعلق الْعلم بالقديم نَفسه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يُؤثر فِي الله تَعَالَى شَيْء

وَاحْتج الرَّازِيّ على ذَلِك بِوُجُوه كَثِيرَة مِنْهَا أَن ذَلِك يُؤَدِّي إِلَى نفي قدرَة الله تَعَالَى وَذَلِكَ كفر بالاجماع وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَدِّي إِلَى ذَلِك لِأَن علم الله تَعَالَى مُتَعَلق بِجَمِيعِ أَفعاله وتروكه فَكَانَ يلْزم أَن مَا علم الله أَنه يَفْعَله فِي وَقت لم يُوصف بِالْقُدْرَةِ على تَركه وَلَا تَقْدِيمه وَلَا تَأْخِيره وَمَا علم أَنه يتْركهُ لم يُوصف بِالْقُدْرَةِ على فعله وَذَلِكَ يسْتَلْزم اسْتِقْلَال الْعلم بالتأثير واستغناء الْعَالم عَن الْقُدْرَة وَذَلِكَ يسْتَلْزم انقلاب الْعلم قدرَة وانقلاب الْفَاعِل الْمُخْتَار غير مُخْتَار وَذَلِكَ محَال

وَذكر ابْن الْحَاجِب أَن مثل هَذَا يُؤَدِّي إِلَى أَن التكاليف كلهَا تَكْلِيف بالمحال قَالَ وَذَلِكَ خلاف الاجماع وَقَالَ أَيْضا أَن الْمُمكن لَا يخرج عَن امكانه بِخَبَر أَو علم انْتهى

<<  <   >  >>