اخْتِلَاف أَحْوَال الْخلق فِي ذَلِك وَبعد فالاضطرار فعل الله تعالي بالِاتِّفَاقِ فَلَا يُنكر أَنه يَفْعَله لبَعض دون بعض
وَأَصَح التَّفْسِير تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ ثمَّ بِالْحَدِيثِ فاذا اجْتمعَا وَكَثُرت الْأَحَادِيث وَصحت كَانَ ذَلِك نورا عَليّ نور يهدي الله لنوره من يَشَاء وكل ذَلِك رَجَاء مقرون بالخوف مَقْطُوع عَن الامان لجهل الْخَوَاتِم وَلقَوْله تعالي {لمن يَشَاء} بعد قَوْله {وَيغْفر مَا دون ذَلِك} وَلقَوْله فِي الصَّالِحين {وَالَّذين هم من عَذَاب رَبهم مشفقون إِن عَذَاب رَبهم غير مَأْمُون} وَفِي آيَة {إِن عَذَاب رَبك كَانَ محذورا} فَلَا يَقْتَضِي شَيْء من ذَلِك الاغراء وَالْفساد لِأَن الشَّفَاعَة إِنَّمَا هِيَ شَفَاعَة من النَّار بعد دُخُولهَا وَذَلِكَ من أعظم الصوارف عَن الْمعاصِي مَعَ مَا يَقع بِسَبَب الْمعاصِي فِي الدُّنْيَا والقبر وَيَوْم الْقِيَامَة من الْمُؤَاخَذَة عَليّ مَا شهِدت بِهِ الْآيَات وَالْأَخْبَار وكفي بقوله تعالي فِي مصائد الدُّنْيَا {وَمَا أَصَابَكُم من مُصِيبَة فبمَا كسبت أَيْدِيكُم وَيَعْفُو عَن كثير} وَفِي قِرَاءَة {فبمَا كسبت أَيْدِيكُم}
وَقد ذكرت فِي العواصم فِي التخويف أَكثر من عشْرين آيَة من كتاب الله تعالي مِمَّا يخْتَص بعصاة الْمُسلمين وَذكرت هُنَالك أَيْضا حَدِيثا كثيرا فِي التحذير من مكر الله وشديد عِقَابه أعاذنا الله مِنْهُ وختمت بذلك الْكَلَام فِي الرَّجَاء كَيْلا يظنّ الْجُهَّال أَن الْمَقْصُود بالرجاء هُوَ الامان والتفريط وتضييع الاعمال واطراح التقوي وَقد جود الْكَلَام فِي هَذَا المعني الشَّيْخ الْعَلامَة الشهير بِابْن قيم الجوزية تلميذ شيخ الاسلام ابْن تَيْمِية فِي كِتَابه الْجَواب الْكَافِي فليطالع فانه مُفِيد جدا
وَالْجمع بَين الْخَوْف والرجاء سنة الله وَسنة رسله عَلَيْهِم السَّلَام وَسنة دين الاسلام والاولي للانسان تَغْلِيب الْخَوْف فِي حق نَفسه إِلَّا عِنْد اقتراب الاجل الاقتراب الْخَاص أَعنِي عِنْد ظُهُور امارات الْمَوْت فِي الْمَرَض الشَّديد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute