وَإِلَّا فالموت قريب غير بعيد وَذَلِكَ لما صَحَّ أَن الله تعالي يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ وَلِهَذَا الحَدِيث لم يكن تَقْدِيم عمومات الْوَعيد أولي من تَقْدِيم خُصُوص آيَات الرَّجَاء وَأَحَادِيثه مَعَ مَا عضد هَذَا الحَدِيث من نَحْو قَول الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام للخليل عَلَيْهِ السَّلَام {فَلَا تكن من القانطين} وَقَوله فِي جوابهم {وَمن يقنط من رَحْمَة ربه إِلَّا الضالون} مَعَ مَا ورد فِي كتاب الله تعالي من شَوَاهِد ذَلِك كَقَوْلِه تعالي {يحذر الْآخِرَة ويرجو رَحْمَة ربه قل هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ} هَذِه الْآيَة تَفْسِير قَوْله {إِنَّمَا يخْشَى الله من عباده الْعلمَاء} لِأَنَّهُ قصر الخشية عَلَيْهِم حَيْثُ علمُوا الدَّار الْآخِرَة دون الْكَافرين كَمَا دلّ عَلَيْهِ أول الْآيَة وَلم يقصرهم عَليّ الخشية دون الرَّجَاء كَمَا دلّ عَلَيْهِ وَصفهم برجاء رَحْمَة الله تعالي فِي غير آيَة وَقَوله تعالي {لقد كَانَ لكم فيهم أُسْوَة حَسَنَة لمن كَانَ يَرْجُو الله وَالْيَوْم الآخر} وَقَوله تعالي {أُولَئِكَ يرجون رَحْمَة الله وَالله غَفُور رَحِيم} وَقَوله تعالي {يرجون تِجَارَة لن تبور} وَقَوله تعالي {مَا لكم لَا ترجون لله وقارا} وَقَوله تَعَالَى {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين} وَقَوله تعالي {وَمَا لنا لَا نؤمن بِاللَّه وَمَا جَاءَنَا من الْحق ونطمع أَن يدخلنا رَبنَا مَعَ الْقَوْم الصَّالِحين} إِلَيّ {بِمَا قَالُوا} وَقَوله تَعَالَى {وادعوه خوفًا وَطَمَعًا إِن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} فأكد الطمع بقوله إِن رحمت الله قريب من الْمُحْسِنِينَ وهم المخلصون لإيمانهم من النِّفَاق كَمَا قرر فِي مَوْضِعه وَقَوله تَعَالَى {ويدعوننا رغبا ورهبا وَكَانُوا لنا خاشعين} فأكد الرهب بِذكر الْخُشُوع فَبين أَنه الْمَقْصُود لَا الْقنُوط
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute