للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أَحَادِيث الرَّجَاء فِي كتب أهل الْبَيْت وَجَمِيع فرق الاسلام كَمَا تقدم وَاخْتلفت الْمَلَائِكَة فِيهَا وَكَانَ الْحق فِيهَا مَعَ مَلَائِكَة الرَّحْمَة كَمَا مُضِيّ

الْوَجْه السَّادِس أَن الرَّجَاء شرع للْمصْلحَة الدِّينِيَّة لَا للمفسدة وَمَا شرع للْمصْلحَة الدِّينِيَّة لم يكن تَركه أحوط وَتلك الْمصلحَة هِيَ قُوَّة دُعَاء الرَّغْبَة الممدوح فِي قَوْله تَعَالَى {ويدعوننا رغبا ورهبا} وتضعيف مفْسدَة الْقنُوط المذموم بِالنَّصِّ والاجماع وَعدم الْكبر على العصاة المذموم بِالنَّصِّ فِي تَفْسِير الْكبر والتخلق بأعدل الاخلاق وأدلها على الانصاف وَهُوَ تَغْلِيب الرَّجَاء على الْخَوْف فِي حق الْغَيْر وتغليب الْخَوْف على الرَّجَاء فِي حق النَّفس وَهَذَا هُوَ مُعظم الْمصلحَة فِيهِ وَإِنَّمَا يلْزم الْفساد لَو عكسنا ذَلِك وجعلناه وَسِيلَة إِلَيّ الْمعاصِي وَأما مَعَ إِثْبَات الْخَوْف وترجيحه فِي حق النَّفس فَهُوَ سَبَب الصّلاح للأخلاق والاعمال وَسنة الانبياء والأولياء

بَيَان ذَلِك أَن الْخَلِيل عَلَيْهِ السَّلَام جادل عَن قوم لوط على جِهَة الرَّجَاء لفضل الله وَرَحمته لَعَلَّه يمهلهم حَتَّى يتوبوا اليه أَو غير ذَلِك مِمَّا كَانَ يسوغ وَيحْتَمل فِي شَرِيعَته عَلَيْهِ السَّلَام فمدحه الله تَعَالَى بذلك وَقَالَ فِي ذَلِك {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب} مَعَ خَوفه على نَفسه كَمَا تقدم حَيْثُ قَالَ {وَالَّذِي أطمع أَن يغْفر لي خطيئتي يَوْم الدّين} وَلم يقل وَالَّذِي يغْفر لي وَكَذَلِكَ قَالَ {عَسى أَلا أكون بِدُعَاء رَبِّي شقيا} وكذالك قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِيمَن أشرك بِعبَادة عِيسَى {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَيْضا {وَمن عَصَانِي فَإنَّك غَفُور رَحِيم} فَدلَّ على أَن سَعَة الرَّجَاء لِلْخلقِ مَعَ التجويز لَا تخَالف الاحوط وَأَنه لَا ذمّ فِيهِ وَلَا شُبْهَة لِأَنَّهُ لَا أبعد من الذَّم والشبهة من مثل خَلِيل الله وروحه عَلَيْهِمَا السَّلَام وَلذَلِك قَالَ عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام الْفَقِيه كل الْفَقِيه من لم يقنط النَّاس من رَحْمَة الله وَلم يؤمنهم مكر الله تَعَالَى

الْوَجْه السَّابِع إِن الرَّجَاء مقتضي اسماء الله تَعَالَى وممادحة الغالية السَّابِقَة الْمَكْتُوبَة الْوَاجِبَة أَسمَاء الرَّحْمَة المحكمة وَالْفضل الْعَظِيم الَّتِي هِيَ

<<  <   >  >>