للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أم الْكتاب وَالْمَقْصُود الأول باجماع الْحُكَمَاء وَالسَّلَف الصَّالح كَمَا تقدم فِي إِثْبَات حِكْمَة الله تَعَالَى وَإِن الْخَبَر هُوَ المُرَاد لذاته وَالْمرَاد الأول كَمَا بسط فِي أَوَاخِر حادي الْأَرْوَاح فَينْظر فِيهِ فانه من أنفس المصنفات فِي ذَلِك وَالْخَوْف إِنَّمَا وَجب لأمر عَارض وَهُوَ خوف فَسَاد العَبْد وَغَلَبَة هَوَاهُ عَلَيْهِ فَجعل وازعا لَهُ عَنهُ أَو صارفا وَلذَلِك كره عِنْد أَمَان الْمعْصِيَة عِنْد النزع وترقب لِقَاء الله تَعَالَى وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله لَا يموتن أحدكُم إِلَّا وَهُوَ يحسن الظَّن بربه فعلى قدر الْخَوْف من الْوُقُوع فِي الْمعاصِي يحسن تَقْوِيَة الْخَوْف من الْعَذَاب وَلَا شكّ فِي غَلَبَة الْهوى للابتلاء فَيجب تَقْوِيَة الْخَوْف واللجأ إِلَيّ الله تَعَالَى فِي ذَلِك وَهُوَ نعم الْمعِين

ثمَّ إِن هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا لَا تجب مَعْرفَتهَا على كل مُكَلّف لَكِن من عرف الْحق فِيمَا لَا يجب لم يحل لَهُ جَحده وَلَا يَصح أَن يُسمى جَحده احْتِيَاطًا وَإِن كَانَ قد سوغ كتمه فِي هَذِه الْمَسْأَلَة فِي بعض الْمَوَاضِع حَيْثُ يخَاف مِنْهُ مفْسدَة كَمَا ورد فِي بعض الاخبار وَلَا يجوز أَن يُقَال أَنه مفْسدَة مُطلقًا لِأَن ذَلِك يكون ردا على الله تَعَالَى وعَلى رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَقد سَمعه أَصْحَابه والتابعون من أَصْحَابه وَلم يفسدوا بِهِ بل قد بشر بِالْجنَّةِ مِنْهُم جمَاعَة بِأَسْمَائِهِمْ فَلم يفسدوا بذلك فَمن فسد فبسوء اخْتِيَاره ونسبته لفساده إِلَيّ بشرى الله وَرَسُوله وحسني أَسْمَائِهِ جِنَايَة أعظم من جِنَايَته وَذَلِكَ بِمَنْزِلَة من يَقُول من الْخَوَارِج إِن اثبات الصَّغَائِر مفْسدَة أَو يمنزلة من يَقُول إِن قبُول التَّوْبَة مفْسدَة

فان قيل إِن الرَّجَاء يُؤَدِّي إِلَيّ تَجْوِيز أَن الايمان قَول بِلَا عمل وَأَن الْجنَّة ترجى بِغَيْر اسْتِحْقَاق لَهَا بِالْعَمَلِ ولاول مَذْمُوم عِنْد الْجُمْهُور وَالثَّانِي خلاف النَّص فِي قَوْله تَعَالَى {ادخُلُوا الْجنَّة بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ}

فَالْجَوَاب أَن هَذَا غلط فَاحش لِأَن القَوْل من الاعمال نصا وإجماعا إِذْ لَا خلاف مُعْتَبر إِن النَّار لَا تدخل بِغَيْر عمل ونصوص الْقُرْآن فِي ذَلِك لَا تحصى وَإِن الشّرك بالْقَوْل عمل مُوجب لعذاب النَّار فَمن قَالَ بذلك كَيفَ يَسْتَطِيع ان يُنكر أَن يكون التَّوْحِيد عملا مثل مَا ان الشّرك عمل هَذَا مَعَ مَا ورد فِي الحَدِيث الصَّحِيح أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أفضل الْعَمَل وأجمعت

<<  <   >  >>