للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فِي الْخمر لَا تعينُوا الشَّيْطَان على أخيكم كَمَا تقدم وَلِأَن الْعَمَل بذلك فِي أَحَادِيث الشحناء وَحُقُوق الْمُسلم على الْمُسلم هُوَ الْأَظْهر والأحوط مَا لم يؤد إِلَى الْفساد فِي الدّين والتهوين لمعاصي رب الْعَالمين وَيخرج من هَذَا أهل النِّفَاق بالنصوص والاجماع فَلذَلِك قَالَ أهل السّنة تجب كَرَاهَة ذَنْب المذنب العَاصِي وَلَا تجب كَرَاهَة الْمُسلم نَفسه بل يجب لاسلامه قلت حبا لَا يُوقع فِي مَعْصِيّة وَلَا يُؤَدِّي إِلَى مفْسدَة وَيكرهُ ذَنبه وَهُوَ قَول أَحْمد بن عِيسَى من أهل الْبَيْت ذكر مَعْنَاهُ عَنهُ صَاحب الْجَامِع الْكَافِي فِي ولَايَة عَليّ عَلَيْهِ أفضل السَّلَام

الْفَرْع الثَّانِي أَن يسير الِاخْتِلَاف لَا يُوجب التعادي بَين الْمُؤمنِينَ وَهُوَ مَا وَقع فِي غير المعلومات القطعية من الدّين الَّتِي دلّ الدَّلِيل على تَكْفِير من خَالف فِيهَا والاصل فِي الامور الْمُخْتَلف فِيهَا هُوَ عدم الْعلم الضَّرُورِيّ الَّذِي يكفر الْمُخَالف فِيهِ حَتَّى يدل الدَّلِيل على ذَلِك وَفِي إِثْبَات مسَائِل قَطْعِيَّة شَرْعِيَّة لَا ظنية وَلَا ضَرُورِيَّة خلاف وَالصَّحِيح أَنه لَا وَاسِطَة بَينهمَا مِثْلَمَا أَنه لَا وَاسِطَة بَين التَّوَاتُر وَالظَّن فِي الاخبار وفَاقا وعَلى هَذَا نقل التَّكْفِير والتأثيم وَالَّذِي يدل على أَنه مَعْفُو عَن يسير الِاخْتِلَاف وُجُوه

أَحدهَا أَنه وَقع بَين الْمَلَائِكَة عَلَيْهِم السَّلَام قَالَ تَعَالَى {مَا كَانَ لي من علم بالملإ الْأَعْلَى إِذْ يختصمون} وَفِي حَدِيث البُخَارِيّ وَمُسلم عَن الْخُدْرِيّ فِي حَدِيث الْقَاتِل مائَة نفس أَنَّهَا اختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب حَتَّى أرسل الله ملكا يحكم بَينهم

وَثَانِيها ثَبت فِي كتاب الله تَعَالَى حِكَايَة الِاخْتِلَاف بَين مُوسَى وَالْخضر وَبَين مُوسَى وَهَارُون وَبَين دَاوُد وَسليمَان وَهُوَ صَرِيح مَا نَحن فِيهِ لِأَن اخْتِلَافهمَا فِي حَادِثَة وَاحِدَة فِي وَقت وَاحِد فِي شَرِيعَة وَاحِدَة

وَثَالِثهَا مَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود قَالَ سَمِعت رجلا قَرَأَ آيَة وَسمعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله يقْرَأ خلَافهَا فَأَخْبَرته فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهَة فَقَالَ {كلاكما محسن وَلَا تختلفوا فان من قبلكُمْ اخْتلفُوا فهلكوا

<<  <   >  >>