أصح طرق التَّكْفِير فاذا تورع الْجُمْهُور من تَكْفِير من اقْتَضَت النُّصُوص كفره فَكيف لَا يكون الْوَرع أَشد من تَكْفِير من لم يرد فِي كفره نَص وَاحِد فَاعْتبر تورع الْجُمْهُور هُنَا وَتعلم الْوَرع مِنْهُم فِي ذَلِك
فان قيل لم تورعوا هُنَا مَعَ هَذِه النُّصُوص الصَّحِيحَة المتواترة لصريحة
قلت لوجوه
أَحدهَا مَا رُوِيَ عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام من عدم تَكْفِير الْخَوَارِج مَعَ بغضهم لَهُ وبغضه نفاق بل مَعَ تكفيرهم لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ سيد الْمُسلمين وَإِمَام الْمُتَّقِينَ وَأبْعد الْخلق أَجْمَعِينَ عَمَّا افتراه من ذَلِك كذبة المارقين وَقد ذكر الْفَقِيه حميد فِي كِتَابه عُمْدَة المسترشدين أَن ذَلِك هُوَ الْمَشْهُور عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام وروى هُوَ أَنه عَلَيْهِ السَّلَام لما سُئِلَ عَن كفرهم قَالَ من الْكفْر فروا وَلما سُئِلَ عَن إِيمَانهم قَالَ لَو كَانُوا مُؤمنين مَا حاربناهم قيل فَمَا هم قَالَ اخواننا بالْأَمْس بغوا علينا فحاربناهم حَتَّى يفيئوا إِلَى أَمر الله قَالَ الْفَقِيه حميد وَهَذَا تَصْرِيح بِالْمَنْعِ من كفرهم وأقرته الصَّحَابَة
قلت وَمن هَهُنَا ادّعى هُوَ والخطابي وَابْن جرير قبلهمَا الاجماع على عدم تكفيرهم وَكَأن النَّاس تابعوه عَلَيْهِ السَّلَام فِي ذَلِك لشهرته وَعدم مُنَازعَة الصَّحَابَة وَلَا بَعضهم لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا احْتج بِهِ الْفَقِيه حميد على أَنه إِجْمَاع قَالَ وَلِأَن من كفر إِمَامًا وحاربه لم يكفر اه كَلَامه
وَقد روى ابْن بطال فِي شرح البُخَارِيّ كَلَام ابْن جرير ودعواه الاجماع على ذَلِك فِي الْكَلَام على الْخَوَارِج وَكَانَ فِي ابْن جرير تشيع وموالاة ذكره الذَّهَبِيّ فِي الْمِيزَان فِي الذب عَنهُ فَقَالَ إِن ذَلِك مَرْوِيّ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام من طرق وَذكر نَحْو مَا تقدم وَزَاد فِي رِوَايَته قيل لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام فمنافقون فَقَالَ لَو كَانُوا منافقين لم يذكرُوا الله إِلَّا قَلِيلا ثمَّ قَالَ روى وَكِيع عَن مسعر عَن عَامر بن شَقِيق عَن أبي وَائِل عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام أَنه قَالَ لم نُقَاتِل أهل النَّهر وان على الشّرك اه وَمرَاده على الْكفْر بِالْقَرِينَةِ كَحَدِيث