قتل الْمُؤمن مَعَ التغليط الْعَظِيم فِيهِ {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} فقيد الْوَعيد فِيهِ بالتعمد وَقَالَ فِي الصَّيْد {وَمن قَتله مِنْكُم مُتَعَمدا} وَجَاءَت الاحاديث الْكَثِيرَة بِهَذَا الْمَعْنى كَحَدِيث سعد وَأبي ذَر وَأبي بكرَة مُتَّفق على صِحَّتهَا فِيمَن ادّعى أَبَا غير أَبِيه وَهُوَ يعلم أَنه غير أَبِيه فَشرط الْعلم فِي الْوَعيد وَمن أوضحها حجَّة حَدِيث الَّذِي أوصى لإسرافه أَن يحرق ثمَّ يذري فِي يَوْم شَدِيد الرِّيَاح نصفه فِي الْبر وَنصفه فِي الْبَحْر حتي لَا يقدر الله عَلَيْهِ ثمَّ يعذبه ثمَّ أَدْرَكته الرَّحْمَة لخوفه وَهُوَ حَدِيث مُتَّفق على صِحَّته عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم حُذَيْفَة وَأَبُو سعيد وَأَبُو هُرَيْرَة بل رُوَاته مِنْهُم قد بلغُوا عدد التَّوَاتُر كَمَا فِي جَامع الاصول وَمجمع الزَّوَائِد وَفِي حَدِيث حُذَيْفَة أَنه كَانَ نباشا وَإِنَّمَا أَدْرَكته الرَّحْمَة لجهله وإيمانه بِاللَّه والمعاد لذَلِك خَافَ الْعقَاب وَأما جَهله بقدرة الله تَعَالَى على مَا ظَنّه محالا فَلَا يكون كفرا إِلَّا لَو علم أَن الْأَنْبِيَاء جاؤا بذلك وَأَنه مُمكن مَقْدُور ثمَّ كذبهمْ أَو أحدا مِنْهُم لقَوْله تَعَالَى {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} وَهَذَا أَرْجَى حَدِيث لأهل الْخَطَأ فِي التَّأْوِيل ويعضد مَا تقدم بِأَحَادِيث أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي فليظن بِي مَا شَاءَ وَهِي ثَلَاثَة أَحَادِيث صِحَاح وَلِهَذَا قَالَ جمَاعَة جلة من عُلَمَاء الاسلام أَنه لَا يكفر الْمُسلم بِمَا ينْدر مِنْهُ من أَلْفَاظ الْكفْر إِلَّا ان يعلم المتلفظ بهَا أَنَّهَا كفر قَالَ صَاحب الْمُحِيط وَهُوَ قَول أبي عَليّ الجبائي وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ قَالَ الشَّيْخ مجتبى وَبِه يُفْتى وَلَعَلَّ هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح بل الْمُتَوَاتر حجتهم على ذَلِك وَهَذَا خلاف مُتَّجه بِخِلَاف قَول البهاشمة لَا يكفر وَإِن علم أَنه كفر حَتَّى يَعْتَقِدهُ
وَمِمَّا يُقَوي الْعَفو عَن أهل الْخَطَأ أَنه قد يكون فِي الْأَدِلَّة ومقدماتها وَلذَلِك كَانَ الْمَشْهُور فِي الْقَتْلَى فِي فتن الصَّحَابَة سُقُوط الْقصاص كَمَا هُوَ الْمَشْهُور فِي سيرة على عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا تقدم وَرُوِيَ الشَّافِعِي عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ أدْركْت الْفِتْنَة الأولى فِي أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله وَكَانَت فِيهَا دِمَاء وأموال فَلم يقْتَصّ فِيهَا من دم وَلَا مَال وَلَا قدح أُصِيب بِوَجْه التَّأْوِيل إِلَّا أَن يُوجد مَال رجل بِعَيْنِه فَيدْفَع إِلَى صَاحبه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute