للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تَعَالَى فالفريقان المشبهة والمعطلة إِنَّمَا أَتَوا من تعَاطِي علم مَا لَا يعلمُونَ وَلَو أَنهم سلكوا مسالك السّلف فِي الايمان بِمَا ورد من غير تَشْبِيه لسلموا فقد أَجمعُوا على أَن طَريقَة السّلف أسلم وَلَكنهُمْ ادعوا أَن طَريقَة الْخلف أعلم فطلبوا الْعلم من غير مظانه بل طلبُوا علم مَا لَا يعلم فتعارضت أنظارهم الْعَقْلِيَّة وعارض بَعضهم بَعْضًا فِي الْأَدِلَّة السمعية فالمشبهة ينسبون خصومهم إِلَى رد آيَات الصِّفَات وَيدعونَ فِيهَا مَا لَيْسَ من التَّشْبِيه والمعطلة ينسبون خصومهم وَسَائِر أَئِمَّة الاسلام جَمِيعًا إِلَى التَّشْبِيه وَيدعونَ فِي تَفْسِيره مَا لَا تقوم عَلَيْهِ حجَّة وَالْكل حرمُوا طَرِيق الْجمع بَين الْآيَات والْآثَار والاقتداء بالسلف الاخيار والاقتصار على جليات الابصار وصحاح الْآثَار

وَقد روى الامام أَبُو طَالب عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَمَالِيهِ باسناده من حَدِيث زيد بن أسلم أَن رجلا سَأَلَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي مَسْجِد الْكُوفَة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ هَل تصف لنا رَبنَا فنزداد لَهُ حبا فَغَضب عَلَيْهِ السَّلَام ونادى الصَّلَاة جَامِعَة فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ إِلَى قَوْله فَكيف يُوصف الَّذِي عجزت الْمَلَائِكَة مَعَ قربهم من كرْسِي كرامته وَطول وَلَهُم إِلَيْهِ وتعظيم جلال عزته وقربهم من غيب ملكوت قدرته أَن يعلمُوا من علمه إِلَّا مَا علمهمْ وهم من ملكوت الْقُدس كلهم وَمن مَعْرفَته على مَا فطرهم عَلَيْهِ فَقَالُوا سُبْحَانَكَ لَا علم لنا إِلَّا مَا علمتنا إِنَّك أَنْت الْعَلِيم الْحَكِيم فَعَلَيْك أَيهَا السَّائِل بِمَا دلّ عَلَيْهِ الْقُرْآن من صفته وتقدمك فِيهِ الرُّسُل بَيْنك وَبَين مَعْرفَته فَأَتمَّ بِهِ وأستضيء بِنور هدايته فانما هِيَ نعْمَة وَحِكْمَة أوتيتها فَخذ مَا أُوتيت وَكن من الشَّاكِرِينَ وَمَا كلفك الشَّيْطَان علمه مِمَّا لَيْسَ عَلَيْك فِي الْكتاب فَرْضه وَلَا فِي سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا عَن أَئِمَّة الْهدى أَثَره فَكل علمه إِلَى الله سُبْحَانَهُ فانه مُنْتَهى حق الله عَلَيْك

وَقد روى السَّيِّد فِي الأمالي أَيْضا الحَدِيث الْمَشْهُور فِي كتاب التِّرْمِذِيّ عَن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ (سَتَكُون فتْنَة قلت فَمَا الْمخْرج مِنْهَا قَالَ كتاب الله فِيهِ نبأ مَا قبلكُمْ وَخبر مَا بعدكم وَفصل مَا بَيْنكُم فَهُوَ الْفَاصِل بَين الْحق وَالْبَاطِل من ابْتغى الْهدى من غَيره أضلّهُ الله إِلَى قَوْله من قَالَ بِهِ صدق وَمن عمل بِهِ أجر وَمن حكم بِهِ عدل وَمن دَعَا إِلَيْهِ

<<  <   >  >>