للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وَقد تقصيت الردود الْوَاضِحَة عَلَيْهِم والبراهين الفاضحة لَهُم فِي العواصم وجمعت فِي ذَلِك مَا لم أسبق إِلَيْهِ وَلَا إِلَى قريب مِنْهُ فِي علمي فتمت هَذِه الْمَسْأَلَة فِي مُجَلد ضخم وَبَلغت أَحَادِيث وجوب الايمان بِالْقدرِ اثْنَيْنِ وَسبعين وَأَحَادِيث صِحَّته مائَة وَخَمْسَة وَخمسين الْجُمْلَة مِائَتَان وَسَبْعَة وَعِشْرُونَ حَدِيثا من غير الْآيَات القرآنية والأدلة البرهانية

وصنف ابْن تَيْمِية فِي بَيَان الْحِكْمَة فِي الْعَذَاب الأخروي وَتَبعهُ تِلْمِيذه ابْن الْقيم الجوزية وَبسط ذَلِك فِي كِتَابه حادي الارواح إِلَى ديار الافراح فافردت ذَلِك من جُزْء لطيف وزدت عَلَيْهِ ومضمون كَلَامهم أَنه لَا يجوز اعْتِقَاد أَن الله يُرِيد الشَّرّ لكَونه شرا بِلَا لابد من خير رَاجِح يكون ذَلِك الشَّرّ وَسِيلَة اليه وَذَلِكَ الْخَيْر هُوَ تَأْوِيل ذَلِك الشَّرّ السَّابِق لَهُ على نَحْو تَأْوِيل الْخضر لمُوسَى وطردوا ذَلِك فِي شرور الدَّاريْنِ مَعًا وَنصر ذَلِك الْغَزالِيّ فِي شرح الرَّحْمَن الرَّحِيم ولنورد فِي ذَلِك حَدِيثا وَاحِدًا مِمَّا يدل على الْمَنْع من الْخَوْض فِي تعْيين الْحِكْمَة فِي ذَلِك فَنَقُول قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي كِتَابه الاسماء وَالصِّفَات عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن ابْن عَبَّاس لما بعث الله مُوسَى وَكلمَة قَالَ اللَّهُمَّ أَنْت رب عَظِيم وَلَو شِئْت أَن تطاع لأطعت وَلَو شِئْت أَن لَا تعصى لما عصيت وَأَنت تحب أَن تطاع وَأَنت فِي ذَلِك تعصى فَكيف هَذَا يارب فَأوحى الله اليه لَا أسأَل عَمَّا أفعل وهم يسئلون فَانْتهى مُوسَى وَرَوَاهُ الهيثمي فِي مجمع الزَّوَائِد وَعَزاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيّ وَزَاد فِيهِ فَلَمَّا بعث الله عَزِيزًا سَأَلَ الله مثل مَا سَأَلَ مُوسَى ثَلَاث مَرَّات فَقَالَ الله تَعَالَى لَهُ أتستطيع أَن تصر صرة من الشَّمْس قَالَ لَا قَالَ أفتستطيع أَن تَجِيء بِمِكْيَال من الرّيح قَالَ لَا قَالَ أفتستطيع أَن تَجِيء بمثقال أَو بقيراط من نور قَالَ لَا قَالَ فَهَكَذَا لَا تقدر على الَّذِي سَأَلت عَنهُ أما أَنِّي لَا أجعَل عُقُوبَتك إِلَّا أَنِّي أمحو اسْمك من الْأَنْبِيَاء فَلَا تذكر فيهم

<<  <   >  >>