فَلَمَّا بعث الله عِيسَى وَرَأى مَنْزِلَته سَأَلَ عَن ذَلِك كموسى وَأجِيب عَلَيْهِ بِمثل ذَلِك وَقَالَ الله تَعَالَى لَهُ لَئِن لم تَنْتَهِ لَأَفْعَلَنَّ بك كَمَا فعلت بصاحبك بَين يَديك فَجمع عِيسَى من مَعَه فَقَالَ الْقدر سر الله تَعَالَى فَلَا تكلفوه
وروى الطَّبَرَانِيّ عَن وهب عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن الْقدر فَقَالَ وجدت أطول النَّاس فِيهِ حَدِيثا أجهلهم بِهِ وأضعفهم فِيهِ حَدِيثا أعلمهم بِهِ وَوجدت النَّاظر فِيهِ كالناظر فِي شُعَاع الشَّمْس كلما ازاد فِيهِ نظرا ازْدَادَ قلت وَيشْهد لهَذِهِ الْآيَات مَا جَاءَ فِي كتاب الله من قَول الْمَلَائِكَة {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا} وَالْجَوَاب الْجملِي عَلَيْهِم كَمَا مر وَأما أَحَادِيث النَّهْي عَن الْخَوْض فِي الْقدر فعشرة أَحَادِيث رجال بَعْضهَا ثِقَات وَبَعضهَا شَوَاهِد لبَعض كَمَا أوضحته فِي العواصم وَأَقل من هَذَا مَعَ شَهَادَة الْقُرْآن والبرهان لذَلِك يَكْفِي الْمنصف وَمَا حدث بِسَبَب الْخَوْض من الضلالات زِيَادَة عِبْرَة وحيرة
الْأَمر الثَّالِث من الْمُتَشَابه الْحُرُوف الْمُقطعَة أَوَائِل السُّور فان الْجَهْل بالمراد بهَا مَعْلُوم كالألم وَالصِّحَّة وَالْفرق بَينهَا وَبَين أقِيمُوا الصَّلَاة وَنَحْو ذَلِك ضَرُورِيّ وَدَعوى التَّمَكُّن من معرفَة مَعَانِيهَا تَسْتَلْزِم جَوَاز أَن ينزل الله سُورَة كلهَا كَذَلِك أَو كتابا من كتبه الْكَرِيمَة ويستلزم جَوَاز أَن يتخاطب الْعُقَلَاء بِمثل ذَلِك ويلوموا من طلب مِنْهُم بَيَان مقاصدهم وَنَحْو ذَلِك وَهَذَا هُوَ اخْتِيَار زيد بن عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام وَالقَاسِم وَالْهَادِي عَلَيْهِمَا السَّلَام وَهُوَ نَص فِي تفسيرهما الْمَجْمُوع وَكَذَلِكَ الامام يحيى عَلَيْهِ السَّلَام ذكره فِي الْحَاوِي وَقَوْلهمْ أَنا مخاطبون بهَا فَيجب أَن نفهمها مقلوب وَصَوَابه أَنا لَا نفهمها فَيجب أَن لَا نَكُون مخاطبين بفهمها وَقد ذكرت فِي الْحجَّة على أَنَّهَا غير مَعْلُومَة أَكثر من عشْرين حجَّة فِي تَكْمِلَة تَرْجِيح أساليب الْقُرْآن
الامر الرَّابِع من الْمُتَشَابه الْمُجْمل الَّذِي لَا يظْهر مَعْنَاهُ بِعلم وَلَا ظن سَوَاء كَانَ بِسَبَب الِاشْتِرَاك فِي مَعْنَاهُ أَو لغرابته أَن عدم صِحَة تَفْسِيره فِي اللُّغَة وَالشَّرْع أَو غير ذَلِك وَقد وَقع الْوَهم فِي الْمُجْمل لنوح عَلَيْهِ السَّلَام
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute