وَلِلْمُعْتَقِ وَالْمُوَالَاةُ مُعَاقَدَةٌ تُجْرَى بَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا قَرِيبَ لَهُ يَرِثُهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ لَهُ وَالَيْتُكَ عَلَى أَنْ تَعْقِلَ عَنِّي وَتَرِثَنِي وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالنُّصُوصِ وَيَعْقِلُ عَنْهُ أَيْ يُؤَدِّي الدِّيَةَ عَنْهُ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً عَقَلَ الْمَقْتُولَ أَيْ أَدَّى دِيَتَهُ وَعَقَلَ عَنْ الْقَاتِلِ إذَا أَدَّاهَا عَنْهُ وَهُوَ مِنْ حَدِّ ضَرَبَ «وَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْ رَجُلٍ وَوَالَاهُ هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ» بِالنَّصْبِ أَيْ حَالَ حَيَاتِهِ وَحَالَ مَمَاتِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِ يَعْنِي بِذَلِكَ الْعَقْلَ وَالْإِرْثَ كَمَا قُلْنَا وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَارِثًا كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتَهُ» قَدْ فَسَّرْنَا الْعَصَبَةَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ» : أَيْ الْمِيرَاثُ بِالْوَلَاءِ لِلْأَقْرَبِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ، ابْنٌ، وَابْنُ ابْنٍ فَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ لِلْقُرْبِ، وَيُقَالُ: هُوَ كُبْرُ قَوْمِهِ إذَا كَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى الْأَبِ إلَّا عَلَى الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ، وَلَا يُرَادُ بِهِ كِبَرُ السِّنِّ هَاهُنَا.
(ف ت و) : وَعَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ أَنَّهُ أَبْصَرَ بِخَيْبَرَ فِتْيَةً لُعْسًا أَعْجَبَهُ ظَرْفُهُمْ وَكَانَتْ أُمُّهُمْ مَوْلَاةً لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَبُوهُمْ عَبْدٌ لِبَعْضِ الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوْ لِبَعْضِ أَشْجَعَ فَاشْتَرَى أَبَاهُمْ فَأَعْتَقَهُ وَقَالَ انْتَسِبُوا إلَيَّ وَقَالَ رَافِعٌ بَلْ هُمْ مَوَالٍ لِي فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَضَى بِالْوَلَاءِ لِلزُّبَيْرِ الْفِتْيَةُ جَمْعُ الْفَتَى وَالْفِتْيَانُ جَمْعُ الْفَتَى أَيْضًا وَهُمْ الشُّبَّانُ وَاللُّعْسُ جَمْعُ أَلْعَسَ وَهُوَ الَّذِي تَضْرِبُ شَفَتُهُ إلَى السَّوَادِ قَلِيلًا وَذَلِكَ يُسْتَمْلَحُ وَقَدْ لَعِسَ لَعَسًا مِنْ حَدِّ عَلِمَ إذَا صَارَ كَذَلِكَ وَأَعْجَبَهُ أَيْ رَاقَهُ ظَرْفُهُمْ أَيْ ظَرَافَتُهُمْ وَهِيَ الْكِيَاسَةُ وَصَرْفُهُ مِنْ حَدِّ شَرُفَ وَجُهَيْنَةُ وَأَشْجَعُ قَبِيلَتَانِ وَالْحَرَقَةُ قَوْمٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَقَوْلُهُ انْتَسِبُوا إلَيَّ أَيْ قُولُوا نَحْنُ مَوَالِي الزُّبَيْرِ لِأَنَّ أَبَاكُمْ مُعْتَقِي وَقَدْ جُرَّ وَلَاؤُكُمْ الَّذِي كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَجَرُّ الْوَلَاءِ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مَوْلًى لِمَوْلَى أُمِّهِ إذَا كَانَ أَبُوهُ عَبْدًا لَا وَلَاءَ لَهُ فَإِذَا أُعْتِقَ الْأَبُ جَرَّ الْوَلَاءَ إلَى مَوْلَاهُ لِأَنَّهُ كَالنَّسَبِ وَهُوَ مِنْ الْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَقَالَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» أَيْ قَرَابَةٌ وَقِيلَ وَصْلَةٌ.
[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]
(ي م ن) : الْأَيْمَانُ جَمْعُ يَمِينٍ وَهُوَ الْقَسَمُ وَالْيَمِينُ الْيَدُ الْيُمْنَى وَكَانُوا إذَا تَحَالَفُوا تَصَافَحُوا بِالْأَيْمَانِ تَأْكِيدًا لِمَا عَقَدُوا فَسُمِّيَ الْقَسَمُ يَمِينًا لِاسْتِعْمَالِ الْيَمِينِ فِيهِ وَالْيَمِينُ أَيْضًا الْقُوَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: ٤٥] قِيلَ أَيْ بِقُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ وَسُمِّيَ الْقَسَمُ يَمِينًا لِأَنَّ الْحَالِفَ يَتَقَوَّى بِيَمِينِهِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا قَرَنَهُ بِهَا مِنْ تَحْصِيلٍ أَوْ امْتِنَاعٍ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} [الحاقة: ٤٥] أَيْ لَأَخَذْنَا يَدَهُ الْيُمْنَى فَمَنَعْنَاهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: ٩٣] أَقَاوِيلُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهَا ضَرْبًا بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَالثَّانِي ضَرْبًا بِالْقُوَّةِ وَالثَّالِثُ ضَرْبًا بِقَسَمِهِ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute