للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَول مَحْمُود الْوراق: يَا عائب الْفقر أما تنزجر ... عيب الْغنى أكبر لَو تعْتَبر من شرف الْفقر، وَمن فَضله ... على الْغنى، لَو صَحَّ مِنْك النّظر أَنَّك تَعْصِي الله تبغي الْغنى ... وَلست تَعْصِي الله كي تفْتَقر

تَحْسِين الدّين

كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تستدين من غير حَاجَة، فَقيل لَهَا فِي ذَلِك، فَقَالَت: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من كَانَ عَلَيْهِ دين، وَفِي نِيَّته قَضَاؤُهُ، كَانَ الله تَعَالَى مَعَه إِلَى أَن يَقْضِيه، وَأَنا أحب أَن يكون الله معي. وَفِي الحَدِيث: مَكْتُوب على بَاب الْجنَّة: الدّين بِثمَانِيَة عشر أَمْثَاله، وَالصَّدَََقَة بِعشْرَة. قيل: وَلم ذَاك يَا رَسُول الله، قَالَ: لِأَن المستدين لَا يستدين إِلَّا لحَاجَة وضرورة، وَالصَّدَََقَة رُبمَا وَقعت فِي يَد غَنِي عَنْهَا. وَفِي حَدِيث آخر: من أدان دينا وَفِي نِيَّته قَضَاؤُهُ أَعَانَهُ الله عَلَيْهِ وَبَارك لَهُ فِيهِ. وَقَالَ بعض السّلف: لِأَن أقْرض مَالِي مرَّتَيْنِ أَحَي إليّ من أَن أَتصدق بِهِ مرّة وَاحِدَة. وَدخل عَمْرو بن عتبَة يَوْمًا على خَالِد بن عبد الله الْقَسرِي، فعرّض بِهِ خَالِد، وَقَالَ: إِن هَا هُنَا رجَالًا إِذا خفت أَمْوَالهم عوّلوا على الدّين، وَأخذُوا فِي الِاسْتِدَانَة. فَقَالَ عتبَة: إِن رجَالًا تكون أَمْوَالهم أَكثر من مروءاتهم فَلَا يدانون، ورجالاً لَا تكون مروءاتهم أَكثر من أَمْوَالهم فيدانون، على سَعَة مَا عِنْد الله. فَخَجِلَ خَالِد وَقَالَ: إِنَّك مِنْهُم مَا علمت. ووقّع لَهُ بِمِائَة ألف دِرْهَم. وَكَانَ سعيد بن سلم يَقُول: كَثْرَة الدّين من عَلَامَات المفضلين.

<<  <   >  >>