الْعَبَّاس يصف الْفضل بن سهل ذَا الرئاستين ويقدمه، ويصف علمه وَكَرمه. وَكَانَ فِيمَا حَدثنِي بِهِ أَن قَالَ: برأَ الْفضل من عِلّة كَانَ قد وجد بهَا، فَجَلَسَ للنَّاس، فهنئوه بالعافية. فَلَمَّا فرغوا من كَلَامهم قَالَ لَهُم: إِن فِي الْعِلَل نعما لَا يَنْبَغِي للعقلاء أَن يجهلوها، فَمِنْهَا تمحيص الذُّنُوب، والتعرض لثواب الصَّبْر، وإيقاظ من الْغَفْلَة، واذكار بِالنعْمَةِ فِي حَال الصِّحَّة، واستدعاء للمثوبة، وحض على الصَّدَقَة، وفيء قَضَاء الله وَقدره بعد الْخيرَة. فحفظ النَّاس كَلَامه، ونسوا مَا قَالَ غَيره. وَكَانَ يُقَال: بمرارة السقم تُوجد حلاوة الصِّحَّة. وَقَالَ بعض الْعلمَاء البلغاء: رب مرض يكون تمحيصاً لَا تنغيصاً، وتذكيراً لَا تنكيراً، وأدباً لَا غصبا. وَقَالَ ابْن المعتز: قلت لبَعض فقهائنا، وَأَنا مَرِيض وَقد سَأَلَني عَائِد بِحَضْرَتِهِ عَن حَالي: أَترَانِي إِن قلت أَنا فِي عَافِيَة كَاذِبًا؟ فَقَالَ: لَا، إِذا أعلك الله فِي جسمك، فقد أصحك من عيوبك.
تَحْسِين الْمَوْت
فِي الحَدِيث الْمَرْفُوع: الْمَوْت رَاحَة لكل حد. وَقَالَ بعض السّلف: مَا من أحد إِلَّا وَالْمَوْت خير لَهُ من الْحَيَاة، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ محسناً فَالله تَعَالَى يَقُول:" وَمَا عِنْد الله خير وَأبقى "، وَإِن كَانَ مسيئاً فَإِن الله سُبْحَانَكَ يَقُول:" إِنَّمَا نملي لَهُم ليزدادوا إِثْمًا ". وَعَن مَيْمُون بن مهْرَان قَالَ: بت لَيْلَة عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي